الحرب الروسية الاوكرانية-فصولها تتعمق وتتعدد ونهايتها غير مرئيه بعد:
أ د / دخان النجار
كنا قد اشرنا في كتابات سابقة الى ان الحرب الروسية الاوكرانية سيتم حسمها في العام ٢٠٢٣ وهذه كانت قرائة غير موفقه وربما كان العامل الذاتي هو الغالب على العامل الموضوعي وخاصة اننا اكدنا في اكثر من مقال سابق بانها ستكون حرب استنزاف وسوف تطول.
ايضا اشرنا الى احتماليات تدويلها خارج نطاق الناتو وبالدرجة الاولى اسلاميا وهذا ما اثبت صحته من خلال اشتراك العديد من منتسبي بعض القوى الإسلامية في القتال المباشر والتوجه إلى تجنيد مرتزقه إسلاميين من بلدان متعدده وكان تفجير المجمع الثقافي في ضواحي موسكو في ٢٣ مارس ٢٠٢٤ هو تاكيد واضح على صحة قرائتنا السابقة للاحداث. وان ياتي تنظيم الدولة في خراسان ليتبناهذا التفجير الارهابي الذي راح ضحيته مئات المدنيين إلا مؤشر على احداث مستقبليه مشابهه وما هذه إلا البداية. احد الأفراد الذي تم القبض عليه يعترف بانه قادم من تركيا وان تنظيمه تم عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقابل مبلغ مالي مغري باعتقادي بان هذا اول دليل على تورط تنظيم الدوله لكن التفاصيل ستكون لاحقة عندما يتم التحقيق مع بقية المتهمين وإلقاء القبض على آخرين. الترتيب للعملية لم يتم بهذه السذاجة والبساطة بل اكيد هناك ترتيبات دقيقه تشترك فيها دول ومنظمات بشكل مباشر او غير مباشر والايام القادمة سوف توضح ذلك، واعتقد ان روسيا سوف تشهد المزيد من هذه الاحداث مستقبلا لان الحرب سجاليه وكسر عظم بين طرفيها ولن يألوا اي طرف باستخدام كل الوسائل الممكنه ضد خصمه حتى لو كانت وسائل غير مشروعه. ان تشارك المجاميع الجهادية الاسلامية في جمهوريات وسط اسياء وافغانستان والشيشان وربما في سوريا والعراق وغيرها في ضرب روسيا فهذا مؤشر جاد لا يمكن الاستهانة به وروسيا قد عاشت احداث مشابهه في الماضي لكنني اعتقد بان هذه المجاميع ستكون اكثر شراسة هذه المره بسبب الدعم والمعلومات الاستخباراتية التي تتلقاها بشكل مباشر او غير مباشر من جهات ودول معاديه لروسيا وتريد ان تضعفها وتكسر شوكتها من الداخل كي لا تتفرغ للهجوم عبر خطوط المواجهة العسكرية المباشره في أوكرانيا.
العمليات الحرببة في أوكرانيا لم تصل إلى نهاية لها بانتصار حاسم لاحد الطرفين المتحاربين او نية احدهما التراجع وقبول وقف اطلاق النار والاحتفاظ بالحدود الحالية فالروس يشددون الهجوم بقصد تحقيق التفوق وكسر شوكة الاوكران وجعلهم يقبلون صلح شبه استسلامي والأوكراني يدافعون بشراسة ويريدون استعادة الأراضي التي احتلتها روسيا وضمتها اليها وإجبار روسيا على دفع تعويضات عن غزوها لهم وكل ما تحقق من تقدم روسي في الاشهر الاخيره ليس بذلك التقدم الحاسم الذي يؤدي إلى كسر شوكة الأوكرانيين.اكيد بان الفترة القادمة مع بداية الربيع قد تشهد تنشيط العمليات العسكرية وهذا متوقع ومن المتوقع ايضا ان ترجح الكفة ولو جزئيا لصالح الجيش الروسي لكن من يدري ماذا يخبىء اعضاء الناتو من مفاجئات للروس على الارض الاوكرانية.
من الواضح ان تسليح الأوكرانيين يتطور نوعيا واصبحوا قادرين على استهداف العمق الروسي بمديات ابعد وادق ومهاجمة المناطق الحدودية الروسية ولا يستبعد ان تتدخل قوات من بلدان حلف الناتو بشكل مباشر وخاصة إذا تراجعت القوات الاوكرانية من مواقعها لصالح الروس وتهديد العاصمة كييف.
الفترة الذهبية للروس في مهاجمة أوكرانيا هي الفترة الحاليه التي ينشغل فيها العالم والناتو بحرب اسرائيل على غزه وبالذات الولايات المتحده الأمريكية التي تعطي اولويه لأمن اسرائيل وتوجه الكثير من مواردها الماليه والعسكريه وبالذات مد الجيش الاسرائيلي بأدق الأسلحة والذخائر الامر الذي يؤثر على إمداداتها إلى أوكرانيا ولو بشكل جزئي لكن ايضا التفرغ للمحادثات والوساطات والمدادات في الشرق الاوسط يقلل من التركيز على الجبهة الاوكرانية وهو ما يخدم الروس ويتيح لهم المجال في تحقيق الكثير من المكاسب العسكرية .
اكيد بان مهاجمة الأوكرانيين ومعهم ما يسمى الفيلق الروسي المعارض للمناطق الحدودية وتوجيه ضربات دقيقه إلى العمق الروسي وتفجير المسرح بمن فيه في ضواحي موسكو هي رسالات تحدي للرئيس بوتين الذي خرج منتصرا في الانتخابات الرئاسية الروسية وهو الحدث الذي يغيض الناتو والقياده الاوكرانية.
نحن على ابواب الربيع وابواب الفترة الرئسية الجديده للر ئيس بوتن التي من المؤكد ان تحتدم المعركة بين الطرفين والتي يتوقع فيها تحقيق الروس بعض المكاسب لكن يظل الثابت الوحيد هو ان روسيا واوكرانيا تورطتا في حرب استنزاف طويلة الامد والخروج منها ليس بايديهما.
د. دحان النجار ميشجان ٢٤ مارس ٢٠٢٤م.