*عندما تحاور زعيم القرن الحادي والعشرين*

 

بقلم / بسمة العوامله

حظيت المقابلة الحصرية لسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ، بالكثير من الاشادات سواء على مستوى المملكة او على المستوى الاقليمي ايضاً ، و قد تطرق كثير من الكُتاب و النُقاد لحيثيات و فحوى الحوار سواء بالتحليل او عن طريق تناول مقتطفات معينه من المقابلة للحديث عنها باستفاضة.
البعض الآخر راح ابعد من ذلك محاولاً فك ابعاد الرسائل التي جاءت على لسان ولي العهد خلال اجابته على كثير من الاسئلة المطروحة.

و رغم اختلاف التحليلات الا ان معظمها اتفق على أن شخصية ولي العهد ظهرت اكثر قرباً و قد اتسمت بالهدوء و الارتياح في الاجابة على اسئلة ربما كان الكثير منا يرغب في معرفتها ، و هذا ما طرأ بداية في ذهني، و لا اخفي انني تمنيت بيني و بين نفسي ، لو سنحت لي الفرصة أن اطرح كثير من التساؤلات حول كثير من الملفات و القضايا الوطنية اكثر منها القضايا الدولية ، لماذا
لاننا نحن كمواطنين اردنيين مرتبطين بشكل كبير بالعائلة الهاشمية ، و نعلم تماماً عندما نستمع لحوار ولي العهد ماذا سيكون القادم امامنا كاردنيين و كيفية العلاقات بيننا و بين الدول المجاورة و الحليفة .
و ليس بغريب بأن الحوار بدأ بالاشادة بوعي الشعب الاردني و قوة مؤسسات الدولة الأردنية و الأمل بالقادم و انتهى كذلك بنفس الوتيرة من التفاؤل و الامل بمستقبل الاردن الصامد دوماً بوجه جميع الصعوبات و التحديات التي واجهته و خرج منها سالماً معافى .

و قد بدا المحاور حذراً و خجلاً بعض الشيء اثناء طرح بعض الملفات و معتذراً لسمو الامير على جرأته في الطرح و لكن جاءت اجوبة سمو الأمير بمنتهى الوضوح و الشفافية لتبعث الطمأنينة في نفس المحاور .
فجرى الحوار باسلوب اقرب الى الى ما اعتدنا سماعه من سيد البلاد في كل خطاباته و كتب التكليف السامي و في الاوراق النقاشية الملكية ، من حيث التأكيد على ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي و تطوير قطاع التعليم و الاهتمام اكثر بقطاع السياحة بالإضافة الى فتح اسواق جديدة .

وتحدث سموه بإسهاب في ملف الحرب الدائرة على اهلنا في غزة مذكراً بأن سيد البلاد حفظه الله كان دوماً يحذر المجتمع الدولي من مغبة استمرار الاحتلال و عدم القبول بحل الدولتين و مساعدة الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام ١٩٦٧م وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وبما يضمن حلّ قضايا الوضع النهائي الخمس التي للأردن مصالح مباشرة فيها القدس، واللاجئون، والحدود، والمياه، والأمن وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.

اما بالنسبة للتقارب العربي و التكاملية بين الدول العربية فقد ابدى سموه باننا كاردنيين معنيين بهذا التقارب لم له من اهمية في تحقيق اهداف و مصالح كافة الدول و على الصعد كافه و هذا التقارب اصبح ضرورة سياسية واقتصادية حتميه و لكنها لا تقوم على فكر عاطفي وجداني ، و انما على فكرة التكامل العملي الذي يحقق منافع اقتصادية تكفل تبادل الخبرات و العقول و فتح اسواق اكبر و تحقيق فرص اكثر للشباب لتحسين ظروف المستقبل منوهاً سموه بذات الوقت بأن لكل بلد اولوياته و ظروفه .
و بمناسبة الحديث عن ضرورة المحافظة على الهوية الوطنية التي تقوم على الضبط و الربط و الالتزام بحمل المسؤولية و ضرورة ان يكون الجيل الجديد مرتبطاً بأرضه ، ابدى سموه حماسه باتجاه ضرورة اعادة الخدمة العسكرية تحقيقاً لذلك ، و هذا التوجه من قبل سموه ينسجم مع المطالبات الشعبية و خاصة بعد جائحة كورونا والتي نادت بعودة الخدمة العسكرية الإلزامية بعد أن تم ايقافها عام 1991 ،

وخاصة بعد ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب خلال جائحة كورونا.
وقد جاءت استجابة الحكومة السابقة من خلال الإعلان عن إعادة تفعيل خدمة العلم للفئة العمرية ما بين 25 لغاية 29 سنة ، بحيث وقعت وزارة العمل والقوات المسلحة الأردنية مذكرة تفاهم يتم بموجبها تأطير الخدمة العسكرية من خلال التشاركية ما بين الجانبين العسكري والإقتصادي بهدف التخفيف من حدة البطالة والفقر وتدريب المجندين وتأهيلهم للإنخراط في سوق العمل من خلال توفير فرص التشغيل لهم بعد التخرج من العسكرية ، وبخاصة في مجال الزراعة والمقاولات ، بحيث تحل هذه العمالة الأردنية المدربة محل العمالة الوافدة.

ولا ندري الى أين وصل هذا المشروع الذي تم الإعلان عنه منذ عهد الحكومة السابقة .
فهذا المشروع الوطني أصبح ضرورة ملحة ليس فقط من ناحية إقتصادية ولكن أيضاً من ناحية ربط مخرجات التدريب العسكري بخلق جيل من الشباب مؤمن بوطنه ، جيل يتحلى بقيم الإلتزام والإنضباط ،فالإستثمار في عنصر الشباب بتوجيه طاقاتهم نحو العمل الجاد والإنتاج لا يتحقق الإ من خلال الجمع ما بين التدريبات العسكرية والتدريب المهني التقني ، تدريب لا يعتمد الأساليب العسكرية التقليدية بل يواكب مستجدات عصر المعرفة والتطور التكنولوجي كالتدريب على مواجهة الحروب السيبرانية والتصدي لحرب تدمير المعلومات والبيانات في اجهزة الحاسوب، ورفع الوعي بعلم الجريمة العابرة للقارات كالإتجار بالبشر وغيرها من المستجدات بالاضافة الى تطبيقات تقنية الذكاء الاصطناعي .
خلال الحديث عن حقبة تاريخية من عمر الدولة الاردنية، يبدو ان المحاور لم يكن يعلم أن سمو الامير تخرج من جامعة جورج تاون في تخصص التاريخ الدولي، اي ان لديه معرفه واسعة بتاريخ الدول المعاصرة و يحسن قراءة التاريخ الحديث جيداً.
وحين أتجه الحوار حول قطاع التعليم ابدى سموه استحسانه و ارتياحه حين تحدث عن تحسن نظرة و اقبال الشباب على التدريب المهني بالمدارس وان السياسة العامة بالدولةتعكف على تحقيق المزيد من النجاحات في هذا الاتجاه بقطاع التعليم.
و قد ختم سموه حديثه بكلام يثلج الصدر كما بداية الحوار ،عندما اشار الى تلمسه لالام المواطنين جراء معاناتهم الفقر و البطالة و غياب الشعور بالعدالة الاجتماعية ، سموك وانت الامل لنا دوماً باحداث التغيير ، نعم لدينا فقر و بطالة

لان هناك تدوير بالمناصب و اقصاء للكفاءات و عدم تكافيء فرص محسوبية و شللية متعمقة
‏الكثير من الهيئات المستقلة رواتب بعشرات الالاف لاشخاص انجازهم صفر و رواتب شحيحة لمن هم من اصحاب الكفاءات و الخبرات و الهجرة هي الحل بحثاً عن فرص العمل ، فكثرة الهيئات عرقلت مسيرة التنمية ولم تضف شيئاً في تحسين الوضع الإداري.
و الحكومات المتعاقبة تعي تماماً هذا الكلام و لكنهامع الاسف لم تكن جاده بالقدر الكافي للتصدي لهذه المماسات و لوقف هذه التجاوزات في استحداث الهيئات التي تستنزف الاموال الطائلة من الموازنة .
و ما زلنا نذكر ما قاله سيد البلاد باحد خطاباته و بكل وضوح من لا يريد ان يعمل من المسؤولين ليترك المكان لغيره
‏و نحن هنا سموك نلتمس منك التوجيه بتفعيل و سائل الرقابة و المحاسبة اكثر لمحاسبة المسؤولين و الوزراء المقصرين و المتقاعسين عن اداء مهامهم
حتى تتحقق النهضة الشاملة و يؤتي الاصلاح السياسي و الاداري اوكله و نرى النتائج على ارض الواقع كما اشرت سموك في نهاية حوارك الثري العميق.

فنحن نتطلع اليك بعين المحبة والاخرى بعين التفاؤل بأن الاردن سيظل صامداً و سيكون في مكان افضل بقيادة جلالة سيد البلاد يعضده سمو ولي العهد.
فما زلنا نشعر بالزهو والفخر كلما تذكرنا صدى الكلمات التي قيلت نقلاً عن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة (بأنه لم يبلغ بعد 21 عاماً، ولكنه بالفعل زعيم في القرن الحادي والعشرين، تعليقاً على تولي سموك عام 2015 ترؤس جلسة لمجلس الأمن باعتبارك كنت انذاك اصغر شخص يتولى رئاسة اجتماع للمجلس في تاريخ المنظمة)
فهنيئاً لنا باميرنا الشاب المحبوب فخورين به ونتطلع اليه بعين الامل ونتوسم فيه الخير لمستقبل مملكتنا الاردنية الهاشمية، قرة عين سيد البلاد عين الله تحميك أينما حللت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى