الإمارات تعلن إنهاء وجودها العسكري في اليمن “بمحض إرادتها”، بعد دعوة الرياض للاستجابة لطلب الحكومة اليمنية بسحب قواتها

عين اخبار الوطن – متابعات – BBC
أعلنت الإمارات إنهاء وجودها العسكري في اليمن، بعد توتر علني مع السعودية بشأن دعمها لتحركات المجلس الانتقالي الجنوبي، وطلب المجلس الرئاسي اليمني لأبو ظبي بخروج قواتها العسكرية من اليمن خلال 24 ساعة.
وقالت وزارة الدفاع الإماراتية “إن القوات المسلحة الإماراتية أنهت وجودها العسكري في اليمن عام 2019 بعد استكمال المهام المحددة ضمن الأطر الرسمية المتفق عليها”.
واقتصر ما تبقى من وجود على فرق مختصة ضمن جهود مكافحة الإرهاب بالتنسيق مع الشركاء الدوليين المعنيين، وفق وزارة الدفاع.
وأضاف البيان الإماراتي” “نظراً للتطورات الأخيرة وما قد يترتب عليها من تداعيات على سلامة وفاعلية مهام مكافحة الإرهاب، فإن وزارة الدفاع تعلن إنهاء ما تبقى من فرق مكافحة الإرهاب في اليمن بمحض إرادتها، وبما يضمن سلامة عناصرها، وبالتنسيق مع الشركاء المعنيين”.
دعم “بالغ الخطورة”
بعد الإعلان الإماراتي، عبر مجلس الوزراء السعودي في جلسة ترأسها العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، عن الأسف للتصعيد “غير المبرر” في اليمن الذي “لا ينسجم مع جميع الوعود التي تلقتها المملكة من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة”.
وعبر المجلس عن أمل السعودية في أن تستجيب الإمارات لطلب الجمهورية اليمنية خروج القوات الإماراتية من اليمن خلال 24 ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي للمجلس الانتقالي الجنوبي وأي طرف آخر داخل اليمن.
وكانت المملكة العربية السعودية قالت إنها آسفة إزاء “دعم إماراتي” لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن واصفة إياه بـ”بالغ الخطورة” وأنه يشكل تهديداً لأمنها الوطني، وذلك بعد وقت قصير من غارة جوية نفذها “تحالف دعم الشرعية” بقيادة السعودية استهدف ميناء المكلا في جنوب البلاد.
وقالت وزارة الخارجية السعودية إن الإمارات مارست ضغوطاً على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفعها إلى تنفيذ عمليات عسكرية قرب الحدود الجنوبية للمملكة في محافظتي حضرموت والمهرة.
واعتبرت السعودية أن هذه التحركات “بالغة الخطورة” وأنها “لا تنسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية في اليمن، ولا تخدم جهود تحقيق أمن اليمن واستقراره”.
وأكد البيان أن الرياض “لن تتردد في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمواجهة أي تهديد يمس أمنها”.
ودعت السعودية دولة الإمارات إلى الاستجابة لطلب الحكومة اليمنية بخروج قواتها العسكرية من اليمن خلال 24 ساعة، ووقف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف داخل البلاد، وفق ما جاء في البيان.
من جانبه، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، يوم الثلاثاء، جميع القوات الإماراتية إلى مغادرة البلاد خلال 24 ساعة.
الإمارات تعبر عن أسفها
وعبرت الإمارات الثلاثاء عن أسفها الشديد إزاء بيان السعودية بشأن اليمن، “وما تضمنه من مغالطات جوهرية، حول دور دولة الإمارات في الأحداث الجارية في الجمهورية اليمنية”.
وعبرت الإمارات عن “حرصها الدائم على أمن واستقرار السعودية واحترامها الكامل لسيادتها وأمنها الوطني، ورفضها لأي أعمال من شأنها تهديد أمن المملكة أو أمن الإقليم”.
وأعلنت الإمارات أنّ الشحنة التي دمرها التحالف بقيادة السعودية في اليمن لم تتضمن “أي أسلحة”.
وأوردت وكالة أنباء الإمارات (وام) بياناً لوزارة الخارجية الإماراتية أكّدت فيه أن “الشحنة المشار إليها لم تتضمن أي أسلحة ، وأن العربات التي أُنزلت لم تكن مخصصة لأي طرف يمني، بل شُحنت لاستخدامها من قبل القوات الإماراتية العاملة في اليمن”.
وشددت على أنه “كان هناك تنسيق عالي المستوى بشأن هذه العربات بين دولة الإمارات والأشقاء في المملكة العربية السعودية واتفاق على ان المركبات لن تخرج من الميناء، إلا أن دولة الامارات تفاجأت باستهدافها في ميناء المكلا”.
وقالت الإمارات إن “موقفها منذ بداية الاحداث في محافظتي حضرموت والمهرة تمثل في العمل على احتواء الموقف، ودعم مسارات التهدئة، والدفع نحو التوصل إلى تفاهمات تسهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية المدنيين، وذلك بالتنسيق مع الاشقاء في المملكة العربية السعودية”.
صدر الصورة، GETTY IMAGES
وقال “تحالف دعم الشرعية” بقيادة السعودية إنه نفذ غارة جوية استهدفت دعماً عسكرياً أجنبياً للقوات الانفصالية الجنوبية المدعومة من الإمارات، في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي خاض هجوماً هذا الشهر ضد قوات الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية.
وأوضح التحالف أن الغارة الجوية المحدودة جاءت عقب وصول سفينتين من ميناء الفجيرة الإماراتي يومي السبت والأحد دون الحصول على موافقته.
وأضاف أن السفينتين، بعد وصولهما إلى المكلا، عطّلتا أنظمة التتبع وقامتا بتفريغ كميات كبيرة من الأسلحة والآليات القتالية دعماً للمجلس الانتقالي الجنوبي.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، ألغى اتفاقاً دفاعياً مع الإمارات وحدد مهلة 24 ساعة لمغادرة جميع القوات الإماراتية اليمن.
وفي خطاب متلفز، اتهم العليمي الإمارات بتأجيج الصراع الداخلي في اليمن، قائلاً: “للأسف، تأكد بشكل قاطع أن دولة الإمارات العربية المتحدة مارست ضغوطاً ووجّهت المجلس الانتقالي الجنوبي لتقويض سلطة الدولة والتمرد عليها عبر التصعيد العسكري”.
لكن أعضاء في مجلس القيادة الرئاسي أعلنوا رفضهم قرار رئيس المجلس “الانفرادي” بإلغاء اتفاق الدفاع المشترك مع الإمارات ومنح مهلة 24 ساعة لخروج “القوات الإماراتية ومنسوبيها”.
وجاء في بيان لأربعة من قادة المجلس، من بينهم عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، “نؤكد رفضنا القاطع لأي قرارات انفرادية تُقحم اليمن في صدامات جديدة، أو تستهدف حلفاءه الإقليميين”.
وكانت السعودية قد حذرت الفصيل الانفصالي الجنوبي الرئيسي من القيام بتحركات عسكرية في محافظة حضرموت شرقي البلاد، وطالبت بسحب قواته بعد أن أعلن سيطرته الواسعة على الجنوب في تصعيد أنهى سنوات من الجمود.
غير أن المجلس الانتقالي الجنوبي رفض الدعوة السعودية.
وقالت وسائل إعلام رسمية سعودية إن ضربة ميناء المكلا لم تسفر عن سقوط ضحايا أو أضرار جانبية.
وأفاد مصدران لوكالة رويترز بأن الغارة استهدفت الرصيف الذي فُرّغت فيه حمولة السفينتين.
وتسيطر قوات مدعومة من الإمارات على مساحات واسعة من جنوب اليمن، بما في ذلك محافظة حضرموت ذات الأهمية الاستراتيجية.
وفرض العليمي حظراً جوياً وبحرياً وبرياً على جميع الموانئ والمعابر لمدة 72 ساعة، باستثناء الحالات التي يمنحها التحالف إذناً خاصاً.
ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إلى وقف ما وصفه بـ “التصعيد في اليمن، وتغليب لغة الحوار”، في أعقاب ما وصفه بـ “عدم تجاوب المجلس الانتقالي الجنوبي مع مطالبات مجلس القيادة الرئاسي”.
وجدد أبو الغيط إدانته لأي “تحركات عسكرية تهدف إلى تثبيت واقع انفصالي على الأرض بالقوة”، بما “يُهدد وحدة التراب اليمني، ويُلحق ضررا بالغا بقضية الجنوب اليمني”، مشدداً على أن التوجهات الانفصالية تضر بالأمن القومي العربي، على حد تعبيره.
وتربط حضرموت، المتاخمة للسعودية، روابط ثقافية وتاريخية وثيقة بالمملكة، إذ تعود أصول عدد من الشخصيات السعودية البارزة إلى هذه المنطقة.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي في البداية جزءاً من التحالف الذي تقوده السعودية وتدخل في اليمن عام 2015 ضد جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران، لكنه قرر لاحقاً السعي إلى حكم ذاتي في الجنوب.
ومنذ عام 2022، أصبح المجلس جزءاً من تحالف يسيطر على المناطق الجنوبية الخارجة عن سيطرة الحوثيين، في إطار مبادرة لتقاسم السلطة بدعم سعودي.
في المقابل، يسيطر الحوثيون على شمال اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء، بعد أن أجبروا الحكومة المدعومة من السعودية على الفرار جنوباً.
وقال التحالف في ختام بيانه: “سنواصل منع أي دعم عسكري من أي دولة لأي فصيل يمني من دون التنسيق مع الحكومة الشرعية”.



