التأييد أو العداوة.. كيف تهدد “إسرائيل” الأمم المتحدة والمنظمات الدولية؟

 

عين اخبار الوطن – الخليج اونلاين

ما أبرز ما تعرضت له الأمم المتحدة؟

الهجوم على الأمين العام غوتيريش ومطالبته بالاستقالة فضلاً عن الإساءة له.

ماذا عن الخطوات الأخرى؟
منعت “إسرائيل” دخول مسؤولين أمميين، وقالت إنها لن تجدد لمسؤولة أممية تأشيرة وجودها في فلسطين.

ما سبب ما حدث مؤخراً؟
تصريحات لمسؤولين أمميين بينهم الأمين العام تهاجم العدوان الإسرائيلي وتتحدث عما يعانيه سكان غزة.

 

لم يكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وهو رئيس أكبر منظمة دولية في العالم، لم يكن يعلم أن تصريحاته التي قالها عما يراه في غزة ويشاهده العالم ستأتي كما لا تريد “إسرائيل”، التي رفضتها وشنت عليه حرباً شعواء، ومنعت مسؤولين أمميين من دخول غزة، ورفضت منح تأشيرات لهم.

ولقول الحقائق التي يعرفها ويراها الجميع كان ينبغي على المنظمات الدولية أن تمتلك الكثير من الشجاعة، خاصة فيما يتعلق بجرائم “إسرائيل”، التي اتضح أنها لا تلقي بالاً لأي حديثٍ يقال، وتؤكد دوماً أنها غير مكترثة بالقوانين الدولية.

وعلى مدار عقود، لم يسبق للأمم المتحدة أو المنظمات الدولية أن تعرضت لإهانات كالذي تراه حالياً من “إسرائيل”، دون أن تتمكن حتى من الدفاع عن نفسها أو فرض عقوبات على المعتدي عبر آلياتها المختلفة، وعلى رأسها مجلس الأمن، فما الذي يجعل الاحتلال غير مكترث بأي جهة دولية؟

هجوم وإهانة
بعد مرور 16 يوماً من العدوان الإسرائيلي على غزة، وسقوط آلاف الشهداء والجرحى، لم يجد غوتيريش مفراً من رفع الصوت أعلى قليلاً من النبرة الدبلوماسية المعتادة، معتبراً أن غزة أصبحت مقبرة للأطفال، مطالباً بوقف فوري لـ”كابوس إراقة الدماء”.

وحين اضطر غوتيريش إلى تسمية الأمور بأسمائها الفعلية وتوصيف قسط يسير من أهوال المأساة التي يشهدها قطاع غزة، فإنه كان في واقع الأمر يقتفي أثر البيان الذي أصدره رؤساء 18 منظمة ووكالة أممية، طالبوا فيه بوقف فوري لإطلاق النار واستعرضت ما يحدث من جرائم.

ورغم أنه أدان استهداف المدنيين من جانب حركة حماس والجيش الإسرائيلي على حد سواء، فإن خروجه قليلاً عن التحفظ الدبلوماسي وقوله إن هجوم 7 أكتوبر “لم يأت من فراغ بسبب احتلال خانق منذ 56 عاماً”، لم يرضِ المسؤولين الإسرائيليين فاستشاطوا غضباً وجنح بعضهم إلى التهديد والوعيد.

البداية كانت بقرار وزير خارجية الاحتلال مقاطعة اللقاء مع غوتيريش، وطالبه بالاستقالة الفورية، فيما خاطب جلعاد إردان، مندوب الاحتلال الدائم، غوتيريش بقوله: “لقد فقدت بوصلتك الأخلاقية، ولا يمكنك أن تظل أميناً عاماً، ولو لدقيقة أخرى”، وذهب إلى أبعد من ذلك بقوله: “يوجد تعفن أخلاقي لدى أي ممثل للأمم المتحدة يعقد مقارنة زائفة”.

منع ورفض
كان الهجوم الذي تعرض له أمين عام الأمم المتحدة، دليلاً على أن الاحتلال الإسرائيلي لا يعطي أهمية لأكبر منظمة دولية، مستنداً فيما يقوم به من جرائم إلى الولايات المتحدة التي تموله في العدوان على غزة، وتتبنى كل الروايات التي يختلقها.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، ففي 25 أكتوبر الماضي، أعلن سفير “إسرائيل” لدى الأمم المتحدة، رفض منح تأشيرات لمسؤولي المنظمة الدولية، بعد تصريحات غوتيريش، مضيفاً: “لقد رفضنا بالفعل تأشيرة دخول لوكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث. حان الوقت لتلقينهم درساً”.

وفي ديسمبر الجاري، أبلغت “إسرائيل” الأمم المتحدة أنها لن تجدد تأشيرة عمل منسقتها للشؤون الإنسانية في فلسطين، لين هاستينجز، بعد انتهاء صلاحيتها في وقتٍ لاحق من الشهر نفسه، والتي سبق أن تعرضت للهجوم نهاية أكتوبر من قبل الخارجية الإسرائيلية، متهمة إياها بأنها ليست “محايدة” أو “موضوعية”.

ووصل الأمر إلى منظمة الصحة التي كانت قد طالبت الجيش الإسرائيلي بوقف استهداف المستشفيات والمستودعات الطبية، ليعلن لاحقاً مديرها، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن الجيش الإسرائيلي أبلغ الوكالة الأممية بوجوب إخلاء مستودع للمساعدات الطبية في جنوب غزة، قبل أن تجعله “العمليات البرية” في المنطقة غير قابل للاستخدام.

وفي (22 نوفمبر الماضي)، تلقت مديرة “اليونيسف”، كاثرين راسل، وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون المرأة، سيما باخوس، هجوماً عنيفاً من مندوب “إسرائيل” إردان، في اجتماع لمجلس الأمن، وقال حينها: “هيئة الأمم المتحدة للمرأة لا تهتم حقاً بالنساء في غزة. وإلا لما كنتم صامتين طوال الأعوام الستة عشر الماضية عندما حكمت حماس غزة بقبضة محكمة. أيها المديرة التنفيذية راسل، أين كانت مؤسستك طوال هذه الفترة؟”.

 

وتمادى أكثر في التهجم على مسؤولة اليونيسف، قبل أن يقاطعه المندوب الصيني، قائلاً: “أود أن أذكر أنه يمكنك التعبير عن وجهات نظر مختلفة في بيانك، ولكن أظهر الاحترام للمتحدثين المدعوين إلى هذا الاجتماع، هذه قاعدة يجب على الجميع احترامها”.

صدام قديم
يرى المحلل السياسي نهرو جمهور، أن “إسرائيل” منذ تأسيسها “وهي في صدام مع الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية”، مشيراً إلى أن ذلك مرتبط بـ”رفضها تطبيق قرارات الشرعية الدولية 186 و242 والتي تطالب بإقامة دولة فلسطينية والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره”.

ويلفت إلى أن “المجازر التي يرتكبها منذ زمن طويل أحدثت صدامات متكررة مع المنظمة الأممية، التي قراراتها غير ملزمة، علماً أن هناك أكثر من ألف قرار لمصلحة الشعب الفلسطيني لم ينفذ منها أي قرار”.

ويؤكد لـ”الخليج أونلاين” أن “إسرائيل” ظلت على الدوام “ترفض تدويل القضية الفلسطينية وتتعامل معها وكأنها شأن داخلي تستفرد به، ولذلك أجهضت دوماً مشروع حل الدولتين، وأبقت الملف محصوراً بينها وبين واشنطن ورام الله، واعتادت أن تتمرد على الشرعية الدولية والأمم المتحدة عبر تهديدها واتهامها بمعاداة السامية، وهو اتهام يلقى آذاناً مصغية في أوروبا، خاصة أنها هي من اقترفت الجرائم بحق اليهود”.

وتابع: “محاربة المنظمات الدولية تستند إلى الدعم المالي الأمريكي للمنظمة الدولية، من خلال ما تقوم به واشنطن من حصار مالي لتلك المنظمات كما يحدث للأونروا وغيرها من أساليب الشيطنة الإعلامية ضد كل منظمة دولية تنتقد

 

الدعم الأمريكي
أما الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوسف سالم، فيرى أن ما تقوم به “إسرائيل” ينبع “من عدم خشيتها من المساءلة الدولية أو انتقادات المؤسسات الأممية من وقوف واشنطن خلفها، التي تدعمها سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً وتغطي عليها لممارسة العدوان”.

ويضيف لـ”الخليج أونلاين”: “إسرائيل تعلم أن معيارية تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني اليوم مرتبطة بما تريده أو ترفضه أمريكا، لذلك لا تخشى من توجيه تهديدات علنية للأمم المتحدة أو طرد موظفيها أو تجريدهم من مهنيتهم على وسائل الإعلام”.

وإلى جانب ذلك فإن “الصورة النمطية التي رسمتها “إسرائيل” لنفسها عبر الحملات العسكرية السابقة، ترسخت لدى ذهن البعض بأنها دولة فوق القانون، وأن لا أحد استطاع إدانة قادتها أو فرض حصار عليها، أو استحصال أي قرار أو حكم ضدها”.

كما يرى أن ذلك “يفسر عجز المؤسسات الأممية والدولية في نصرة الضحية الفلسطينية، ومعرفتها بأن السير عكس التيار سيجلب عليها غضب “إسرائيل” وسخط الولايات المتحدة”.

وتبدو الأمم المتحدة فعلياً عاجزة حتى عن الدفاع عن نفسها بصوت قوي، فضلاً عن الدفاع عن الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى مقراتها في قطاع غزة للاحتماء بها، ومع ذلك طال الجميع قصف إسرائيلي تجاوز كل الخطوط الحمراء، في ظل حماية أمريكية من أي عقوبات دولية قد يفرضها مجلس الأمن.

والمؤسف أيضاً أن الهجمات الإسرائيلية على الأمم المتحدة وهيئاتها يتزامن مع “تخلي الوكالة الأممية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن مقراتها شمال قطاع غزة”.

وأشارت آخر إحصائية أعلنت خلال أيام الهدنة وقبل استئناف المعارك، إلى مقتل 108 موظفين أمميين في غزة خلال 48 يوماً من العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي، وهو رقم غير مسبوق، على الأقل منذ عقدين.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى