سيل التغيير.. “السعودية أولا”.. وترف الاستغناء عن اليمن أهمية القيادة وكابتن الفريق

✍️ عبدالقادر الجنيد

هذا الكلام، ليس تأييدا لأي شخص أو جهة أو فكرة أو مذهب ديني أو عقيدة.

اليمن سيارة معطوبة أو نادي فاشل.
سنحاول اليوم النظر لليمن على أنها سيارة معطوبة لا يمكن رميها إلى مقلب القمامة.
أو سنعتبر اليمن نادي كرة قدم ينحدر من الدرجة الأولى إلى الدرجة الرابعة (إن كان هناك رابعة) ونريد إعادة النادي إلى الأولى أو حتى إلى الدوري الممتاز.

إصلاح السيارة المعطوبة أو النادي الفاشل لا يمكن أن يتم إلا بفهم الوضع والتغيرات المحيطة،
وتشخيص موضع العطب والفشل،
وتوفير قطع الغيار والفنيين.

وكل هذا سيتعرض لقيادات الحوثيين والمجلس الانتقالي والمجلس الرئاسي اليمني والإمارات والسعودية وأمريكا.
… وربما لمسائل الفساد والسيادة والكبرياء.
… وبالتأكيد سنتجنب العقائد والمذاهب.

مرة أخرى هذا ليس هجوما على أحد ولكن لنحاول معا فهم ما يحدث لنا.

**
أولا: تجنب العقائد والمذاهب
**

من الذي يأتي أولا: إصلاح العقيدة والمذهب؟
أم إصلاح السيارة المعطوبة؟
هذا مثل أيهما الأول: البيضة أم الدجاجة.
والكثير من اليمنيين غارقون بحماس زائد في هذا الهاجس، ويغرقون اليمن معهم.

اليمن ساقطة في الحضيض، وأهم شيئ هو إيجاد “الدولة”.

هل هذا هو وقت الحوثية والولاية والجارودية والزيدية والجعفرية والشافعية والسنية والسلفية؟
هل هذا هو وقت الليبرالية واليسار واليمين؟
هل هذا هو وقت شرذمة اليمن والانفصال؟

لا يمكن إصلاح السيارة المعطوبة بالحوثية أو السلفية أو الليبرالية.

يجب أولا إصلاح السيارة المعطوبة وإقامة النادي الفاشل من عثرته— وهذا هو إقامة “الدولة اليمنية”.

وبعدها وتحت ظل حرية التعبير وفي ظل سيادة القانون اللذان توفرهما “الدولة” يمكن أن يتنافس العقائديون الدينيون والليبراليون والحداثيون… والوحدويون والانفصاليون.

وبعدها وفي ظل “الدولة”، يمكن كشف الفساد ومحاربته أولا بأول.

أن تحول أن “تفعص” اليمن بعقيدتك الخاصة بك ومصالحك الخاصة بك بينما هي “مفعوصة” وراكعة وتجثو على ركبتيها، يدخل في باب الحرام والانتهاك لكل المقدسات ويلحق أشد الأضرار باليمن وبكل ما يجمعنا داخل هذا الوطن.

وهناك مناضلون أنقياء
*
وهذا ليس إنكارا للمناضلين الأنقياء الذين يهاجمون الفساد في الرأي والفساد في نهب الأموال ويكشفون الخبايا والإعتداء على الحريات.
هؤلاء، هم ملح الأرض وزبدتها.
هؤلاء هم من يجعلونا كلنا نفهم ما يدور من حولنا.
هؤلاء يجب أن يستمروا بإنارة الطريق لنا كلنا.

**
ثانيا: سيل وسلاسل التغيير في السعودية
**

السعودية، قد تغيرت أمام أعيننا عشرات المرات في العشر السنوات الأخيرة.
السعودية، قد تغيرت من دولة دينية بها شرطة دينية (المطاوعة) ودولة في غاية التزمت تجاه المرأة والحريات الشخصية إلى دولة أكثر ليبرالية من الناحية الإجتماعية والترفيهية من كل الدول المحيطة بها.

تجنبا للإطالة سنركز على التغييرات والتغيرات السعودية التي لها علاقة باليمن.
السعودية والسعوديون أحرار في كل ما يريدونه لبلادهم.
سنتكلم فقط فيما يخص اليمن.

١- بن سلمان وعاصفة الحزم
*
لم يكن من الممكن أن تبدأ حرب اليمن ولا انطلاق عاصفة الحزم بواسطة الملك الراحل عبدالله ولا أخيه الملك الحالي سلمان.
عاصفة الحزم، سببها كان وزير الدفاع القوي الصاعد الشاب محمد بن سلمان.
هذا الشاب هو أكبر تغيير داخل السعودية وهو الذي تسبب في سيول وسلاسل متلاحقة من التغيير داخل المملكة… وداخل اليمن.

هل يمكن إقامة “الدولة” في اليمن بدون محمد بن سلمان؟
هل يستطيع اليمنيون، إقامة “الدولة اليمنية” وحدهم؟

٢- فقدان حماية أمريكا للسعودية
*
هذا أكبر زلزال حدث للمملكة السعودية منذ نشأتها.

أمريكا، لم تقم بحماية المملكة عندما قصفت إيران منشآت النفط في البقيق وخريص.

وتغير بن سلمان (ولي العهد السعودي) من أحادية القطب إلى سياسة “تعدد الأقطاب” وتقارب مع روسيا والصين،

وتغير من التصدي العسكري لإيران إلى سياسة “إنهاء الصراعات إلى تحت الصفر”، فتصالح مع إيران،

وتغير نحو اليمن فاتفق مع الحوثيين في “خارطة الطريق”.

٣- خارطة الطريق
*
خارطة الطريق، هي زلزال “شغل يد” ألحقه بن سلمان بالشرعية اليمنية.

خارطة الطريق، هي تسليم السعودية لبلاد اليمن للحوثيين والإيرانيين.
خارطة الطريق، هي التخلي السعودي عن إقامة الدولة اليمنية.
خارطة الطريق، هي رمي السيارة المعطوبة إلى مقلب القمامة.
تسليم السيارة المعطوبة للحوثي، هي مثل الطلب من راعي أغنام، أو درويش في حفلة زار، أو معالج بالأعشاب، أو كاتب الطلاسم ورافع الأسحار والحسد والعين بأن يقوم بفك وإعادة تركيب الماكينة وبناء الدولة اليمنية.

٤- القضاء على التوسع الإيراني وحزب الله اللبناني
*
هذا زلزال آخر نزل بالدرجة الأولى فوق رؤوس الحوثيين.

زلزال لم يستطع استيعابه تماما اليمنيون لأنهم ما زالوا يتوجسون من استمرار لهاث وأنفاس خارطة الطريق.

خارطة الطريق قد ماتت— وبكل أسف— على يد اسرائيل.

المفروض أن يعمل اليمنيون على دفن خارطة الطريق في مقلب القمامة واستعادة السيارة المعطوبة من هناك لإصلاحها وبناء الدولة اليمنية.

ولا يمكن أن يتم استعادة السيارة المعطوبة من مقلب القمامة إلى وسط الطريق، إلا باستعادة اهتمام محمد بن سلمان.
… لكن كيف يمكن استعادة اهتمام ولي العهد الذي على ما يبدو قد أصبح مهموما فقط بمبدأ: “السعودية أولا”.
مثل حركة ماجا MAGA وترامب: “أمريكا أولا”.

ونحن لا ننصح السعودية بما يجب أن تقوم به أو لا تقوم.

وهذا ليس من باب اللوم والعتاب لبن سلمان، ولكن من باب البحث عن المصلحة السعودية في أهمية إقامة “الدولة اليمنية” للمملكة.

**
ثالثا: انعدام القيادة اليمنية
**

انعدام القيادة اليمنية، سببه— بكل أسف— هو محمد بن سلمان الذي كان هو المهندس الأكبر لإنشاء المجلس الرئاسي اليمني القيادي “التوافقي” في عشية تلك الليلة الطويلة الماراثونية في الرياض مع الرئيس السابق عبده ربه منصور هادي والرئيس الحالي رشاد العليمي، التي استمرت حتى الفجر في ٧ ابريل ٢٠٢٢.

أعطونا مجلس رئاسي “لا توافقي”.

هذا ليس هجوما على بن سلمان لأن موضوع هذا المقال يوضح أهمية محمد بن سلمان ويوضح استمرار حاجة اليمن لهندسة أفضل من بن سلمان لإصلاح السيارة المعطوبة.
ولا يمكن أن نهاجم بن سلمان بينما نقول في نفس الوقت أننا بحاجته.

وهذا ليس هجوما على أعضاء المجلس الرئاسي الثمانية لأن كل ما حدث “لهم” وكل ما حدث “لنا” منهم إنما هو بسبب أمريكا والإمارات والسعودية وليس بسببهم.

هل يمكن أن يرتفع نادي ريال مدريد أو برشلونة، بدون مدير فريق وبدون مدرب، وبدون كابتن للفريق.
اللاعبون اللذين بدون كابتن أو مدرب، سيتصايحون وحتى يتلاعنون قبل وأثناء وبعد أي مباراة.
اللاعبون اللذين بدون كابتن، “لا يتوافقون”.
الفريق الذي بدون كابتن أو مدرب، يسقط إلى دوري الدرجة العاشرة.

لن تقوم الدولة اليمنية، إلا إذا حصلت اليمن على كابتن الفريق.

اليمن، بدون كابتن.
والسبب، هو المجلس الرئاسي.
والذي عمل المجلس الرئاسي هو السعودية والإمارات وأمريكا.

هل من الضروري تصليح المجلس الرئاسي؟
من الذي يستطيع تصليح المجلس الرئاسي؟
من الذي يجب أن نطلب منه تصليح المجلس الرئاسي:
أمريكا؟ الإمارات؟ السعودية؟
من الذي من مصلحته تصليح المجلس الرئاسي؟
… هل هو بن سلمان؟

**
رابعا: ترف الاستغناء عن السعودية أو التخلص من اليمن
**

من الآخر، وبدون الحاجة لتقوية وجهة نظري بالحجج والمنطق:

١- السعودية ليس عندها ترف التخلص من اليمن.
٢- أمن واستقرار السعودية لن يتحقق إلا بإقامة الدولة اليمنية.
٣- اليمن ليس عندها ترف الاستغناء عن السعودية.
٤- اليمنيون لا يستطيعون إقامة الدولة اليمنية إلا بمساعدة بن سلمان والسعودية.
٥- السيادة والكبرياء أشياء عظيمة لكنها لن تأتي إلا بعد قيام الدولة اليمنية.
٦- حرية التعبير والعقيدة والحريات الشخصية لن تأتي إلا بعد قيام الدولة اليمنية.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى