“الولايات المتحدة تعاقب مستوطنين”.. هل تحاول التغطية على انحيازها لـ”إسرائيل”؟

عين اخبار الوطن – الخليج اونلاين

زادت حالات الاعتداء من قبل المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية بشكل ملحوظ بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، وفقاً لتقارير إعلامية ومنظمات حقوقية.

وتستمر حتى اليوم هذه الاعتداءات رغم الإدانات الدولية والتحذيرات الأمريكية التي أطلقتها في ديسمبر الماضي، حول فرض عقوبات على من يقف وراء هذه الهجمات ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية.

ومع بداية شهر فبراير 2024، أصدر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أمراً تنفيذياً يهدف إلى معاقبة المستوطنين اليهود الذين يُهاجمون الفلسطينيين في الضفة المحتلة.

ووصف بايدن الوضع في الضفة الغربية، ولا سيما مستويات العنف المرتفعة للمستوطنين المتطرفين، وتدمير الممتلكات، بأنه “بلغ مستويات لا تحتمل، ويشكّل تهديداً خطيراً للسلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية وغزة وإسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط”.

ورقة ضغط
من جهته صرح مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، أن هذا القرار يستهدف التصدي للأنشطة التي تقوّض السلام والاستقرار في منطقة الضفة الغربية.

وأوضح أن “الأمر التنفيذي سيسمح بإصدار عقوبات مالية وقيود على التأشيرات بحق الأفراد الذين يتبيّن أنهم هاجموا أو أرهبوا الفلسطينيين أو استولوا على ممتلكاتهم”.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن العقوبات تستهدف أربعة أفراد متهمين بارتكاب أعمال عنف أو تخويف بشكل مباشر في الضفة الغربية، ومن بينهم أشخاص متهمون بالبدء في أعمال شغب وقيادتها؛ مثل إشعال النار في المباني والحقول والمركبات، والاعتداء على المدنيين وإتلاف الممتلكات.

وفي سياق متصل، أفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن الرئيس الأمريكي يدرس فرض عقوبات على وزيرين في الحكومة الإسرائيلية، هما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

وتأتي هذه الخطوة بعد الانتقادات اللاذعة التي وُجهت إلى الإدارة الأمريكية بسبب موقفها القوي الداعم للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث شهد هذا العدوان ارتكاب عدة مجازر ضد الفلسطينيين، وهو ما أسفر عن استشهاد أكثر من 27 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 66 ألفاً آخرين.

يقول الدكتور مثنى مشعان المزروعي، أستاذ الجغرافية السياسية المساعد، إن “القرار الأمريكي بفرض عقوبات على مستوطنين يرتبط بما يجري الآن في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، كما يرتبط بالعملية الانتخابية التي يستعد لها الرئيس بايدن”.

ويضيف لـ”الخليج أونلاين” بأن “بايدن يحتاج إلى أن يقوم بعمل عسكري متميز ليعيد هيبة الولايات المتحدة، لا سيما بعد الضربات التي تلقتها من الفصائل الموالية لإيران، لأنها وضعته في حرج كبير أمام الشارع الأمريكي والكونغرس”.

كما يشير المزروعي إلى أن “بايدن حاول وسيبقى يحاول إيقاف الحرب في قطاع غزة، لذلك يضغط على الكيان الصهيوني وعلى حكومة نتنياهو لإيقاف العدوان المستمر منذ أكثر من 4 أشهر”.

ويردف: “استمرار الحرب لن يعطي فرصة للرئيس الأمريكي بأن يشكل تحالفاً دولياً أو حتى أن يشكل تحالفاً مع دول أخرى مثل بريطانيا أو فرنسا وغيرها، بهدف ضرب المليشيات والمصالح الإيرانية”.

كما أكد أن “عقوبات واشنطن على بعض المستوطنين ما هي إلا ورقة ضغط تمارسها الإدارة الأمريكية على الكيان الصهيوني، لإيقاف الحرب في قطاع غزة”، لافتاً إلى أنها “قد تليها إجراءات أمريكية أخرى لتزيد الضغوط”.

ويعتقد المزروعي أن “هذه الضغوط ستأتي بنتائج جيدة قد تدفع الاحتلال إلى إيقاف العدوان على القطاع، حتى تقوم الولايات المتحدة بعمل عسكري واسع في المنطقة، لكن لا يصل إلى حرب عسكرية ومواجهات ومباشرة، وقد تزيد مدتها على ستة أشهر”.

معاناة مستمرة
يعيش حوالي 490 ألف إسرائيلي في المستوطنات بالضفة الغربية، وهي مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، فيما تسجل فيها يومياً نحو 8 حوادث عنف ضد الفلسطينيين، تتنوع بين الترهيب والسرقة والاعتداء، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

ومنذ بدء الحرب في غزة نزح نحو 7607 أشخاص من الضفة الغربية، ويشكّل الأطفال أكثر من نصف هذا العدد، كما اضطرّ نحو 1100 شخص إلى مغادرة أراضيهم خلال العام ونصف العام الماضيين، وفقاً لتقرير مكتب الأمم المتحدة.

توثّق وكالة “فرانس برس” حالياً في الضفة الغربية مأساة إنسانية متواصلة، حيث تم رصد منازل نُهبت، وخزائن ملابس فارغة، وأسرّة أطفال محطمة، وستائر ممزقة، وأحذية وألعاباً منتثرة على الأرض.

ولاحظ فريق الوكالة وجود سيارات مدنية قريبة، يرتفع علم إسرائيل على عدد منها، ما يُظهر أن هذه الأحداث مترافقة مع تدهور الأوضاع في المنطقة.

 

الرد الإسرائيلي
تواجه القرارات الأمريكية انتقادات حادة من قبل الحكومة الإسرائيلية، حيث أعرب بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن استياء الحكومة إزاء تشديد واشنطن للعقوبات على المستوطنين الإسرائيليين المتهمين بالمشاركة في هجمات عنيفة ضد الفلسطينيين.

وأكد البيان أن الغالبية العظمى من مستوطني الضفة الغربية “ملتزمون بالقانون”، موضحاً أن “إسرائيل تتخذ إجراءات ضد كل منتهكي القانون في جميع الأماكن، وأنه لا حاجة لاتخاذ إجراءات غير عادية في هذه القضية”.

ومن جهتها، قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إن الوزير سموتريتش هاجم إدارة الرئيس بايدن، وقال إن “الإدارة الأمريكية تتعاون مع حملة معادية للسامية تستبيح دم المستوطنين”.

ووجّه وزير المالية الإسرائيلي طلباً إلى البنوك الإسرائيلية، حثّها فيه على عدم اتخاذ أي إجراءات ضد المستوطنين الأربعة الذين فرضت عليهم الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية.

كما دعا بن غفير الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في سياستها تجاه الضفة الغربية، معتبراً أن بايدن مخطئ في تقديره للوضع، خاصة فيما يتعلق بالمستوطنين، زاعماً أن من أسماهم “المستوطنين الشجعان في الضفة الغربية” هم “الذين يتعرضون للهجوم بالحجارة في محاولة للإضرار بهم وقتلهم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى