إلى علي الصراري الذي لا عقل له

 

بقلم ✍️ فارع المصنف – نيويورك 01/ أبريل 2025م

في زمنٍ يعاني فيه اليمن من أعمق أزماته السياسية والإنسانية، يطل علينا على الصراري، المستشار الإعلامي للحكومة اليمنية، بتصريحات أقل ما يمكن وصفها بأنها تعكس حالة من الانفصال التام عن الواقع. في مقابلة حديثة على قناة “الحدث”، تناول الصراري الضربات الأمريكية الأخيرة على مواقع الحوثيين، لكنه تجاوز حدود التحليل السياسي ليطلق تصريحات تثير السخرية والغضب في آنٍ واحد.
تصريحات الصراري: بين الجهل والتهجم
خلال المقابلة، أشار الصراري إلى أن الضربات الأمريكية أثرت بشكل كبير على قدرات الحوثيين العسكرية، لكنه دعا بشكل صريح إلى دعم “الشرعية” بالسلاح والمال. هذه الدعوة أثارت استياء واسعاً، خاصة أن “الشرعية” التي يدافع عنها الصراري لم تقدم سوى الفشل طوال تسع سنوات من الحرب. لقد تحولت هذه الشرعية إلى جيوش مشتتة تعيش في فنادق إسطنبول والقاهرة والرياض، تاركة الشعب اليمني يواجه الفقر والجوع والدمار.
وفي تصريح آخر مثير للجدل، زعم الصراري أن عامة الشعب اليمني “بلا عقل” لأنهم يحكمون بعواطفهم تجاه الحوثيين ودورهم في الدفاع عن غزة. هذا التصريح ليس سوى انعكاس لحالة من الغطرسة السياسية التي اعتاد عليها الصراري ومن هم على شاكلته. كيف يمكن لرجل يدعي أنه يمثل النخبة السياسية أن ينعت شعباً صمد لأكثر من تسع سنوات في مواجهة عدوان متغطرس بأنه بلا عقل؟ الحقيقة التي يتجاهلها الصراري هي أن الشعب اليمني يمتلك عقلاً وخبرة وشجاعة لم توجد لدى أي شعب آخر، وأثبت ذلك بصموده أمام كل التحديات.
أنصار الله ودورهم في غزة: قراءة مزدوجة
من بين النقاط التي أثارها الصراري كان حديثه عن دور الحوثيين (أنصار الله) في دعم غزة. وبينما وصف البعض هذا الدور بأنه محاولة لكسب نقاط سياسية، يرى آخرون أن الحوثيين قدموا نموذجاً مغايراً من خلال إطلاق صواريخ على إسرائيل وفرض شروط لوقف الحرب وفتح المعابر. هذه الخطوات اعتبرها البعض دفاعاً عن قضايا الأمة العربية، بينما اعتبرها الصراري مجرد استعراض سياسي لا يخدم القضية الفلسطينية.
لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الشعب اليمني نفسه – وليس النخب السياسية المشتتة – هو من يدرك أهمية التضامن مع غزة وقضايا الأمة. هذا الشعب الذي وصفه الصراري بأنه “بلا عقل”، هو ذاته الذي صمد أمام الحصار والجوع والقصف ليثبت أنه يمتلك وعياً وشجاعة تفوق كل التوقعات.
الحزب الاشتراكي وتاريخ من الأزمات
لا يمكن فصل علي الصراري عن خلفيته السياسية كقيادي في الحزب الاشتراكي اليمني. الحزب الذي لعب دوراً محورياً في تاريخ اليمن الجنوبي قبل الوحدة عام 1990، ولكنه أيضاً ارتبط بجرائم حرب وزراعة الألغام في المناطق الوسطى خلال فترة الحرب الأهلية. هذه الجرائم لا تزال تلقي بظلالها على سمعة الحزب وأعضائه، حيث يعاني سكان تلك المناطق حتى اليوم من آثارها المدمرة.
الفجوة بين النخب والشعب
تصريحات الصراري ليست سوى انعكاس للفجوة المتزايدة بين النخب السياسية اليمنية والشعب الذي يعاني من ويلات الحرب. بينما يعيش الصراري وأمثاله في عواصم العالم بعيداً عن المعاناة اليومية لليمنيين، يواجه المواطن البسيط أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم. هذا الانفصال بين الخطاب السياسي والواقع يزيد من تعقيد الأزمة ويطيل أمدها.

ختاماً
إن تصريحات علي الصراري ليست سوى دليل إضافي على حالة الانفصال التي تعيشها النخب السياسية عن الواقع اليمني. وبينما يستمر الشعب اليمني في دفع ثمن الحرب والتدخلات الخارجية، تظل الحلول الحقيقية غائبة وسط صراعات المصالح والخطابات الجوفاء. إذا كان هناك درس يجب أن نتعلمه من هذه الأزمة، فهو أن الحلول لا تأتي من الخارج أو من نخب تعيش في المنفى، بل تأتي من إرادة شعب يمتلك عقلاً وشجاعة وخبرة تجاوزت كل التحديات. أما علي الصراري ومن هم على شاكلته، فليسوا سوى أصوات فارغة تُضاف إلى قائمة طويلة ممن خذلوا اليمن وشعبه العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى