الجوع والوجع في كل مكان… وديوك تريد ان يطلع الفجر على صوتها

 

سمر نادر – خاص النشرة

انطلق قطار الحروب ذات الأهداف المختلفة، منذ عقدين ونصف، من العراق مروراً بليبيا، التي قررت فجأة تغيير عملة تجارة ​النفط​ العالمي، وسوريا بسبب تسهيل رسم خارطة ​الشرق الأوسط الجديد​، ثمّ لبنان المشرذم بسبب موزاييكه الطائفي غير القابل للتلاحم، ومؤخراً غزّة بسبب أحلام “​حماس​” بتحرير القدس، وصولاً، وليس آخراً، الى ​السودان​ الغني، الذي يتوق شعبه للوصول الى رغيف خبز… حروبٌ توقَد لها، تحت عناوين ​الديمقراطية​ والسلام، وفي كواليسها أطنان الذهب وآبار الغاز وطرقات تجارة عالمية يتصارع الجبابرة اليوم على شقّها.

 

بالأمس قالوا: انتهت حرب ​غزة​… خسرت غزة وانتصر الغزّاويُّون. خسروا عائلاتهم فقضى أكثر من 70 ألف مواطن، وأضحى القطاع تلالاً من تراب، وانتصر الغزاويون بعودة من بقي منهم الى ديارهم، يبنون بيوتهم على ركام الدمار، ولم يرضخوا لأوامر اللجوء الى سيناء.

انتهت الحرب، وعادت “حماس”، ديكُ القطاع، تفاوض الشركات العالمية للاستثمار في غزة، مثل شركة Bechtel الأميركية، وArup البريطانية، الى جانب كبرى الشركات المصرية، واللائحة تطول…

حرب غزة الأكثر تكلفة في تاريخ إسرائيل، لم تستطع حكومتُها اليوم المشاركة في مناقصات المستثمرين في غزة. وانتقل حلم الريڤييرا منها الى جنوب لبنان، ليُنفّذ في 17 قرية حدودية. ويبقى السؤال: لماذا اندلعت حرب غزة؟ حتماً “حماس” خسرت المعركة، و”دفَّعوا” أهل القطاع الثمن، وعاد كل فريق الى متراسه.

الصغار يصنعون المعارك في المنطقة في حين ان محركيها يغذّونها بالمال والسلاح لأهدافهم الخاصة، أولها كسر إيران وأذرُعِها في الشرق الأوسط، وآخرُها إخراج حليفتها الصين منها، وسحب خارطة “طريق الحرير الجديد” من المنطقة العربيّة. مصدر في واشنطن أكد لـ”النشرة” قائلاً “إن سلاح حزب الله هو أمرٌ ثانوي في أهدافه الخاصة بالعالم العربي. فما تخطط له الدولة الأميركيّة العميقة هو سلاح المال والتجارة العالميّة الذي تسعى للسيطرة عليه، ولو وافق السيد حسن نصرالله على المشاركة في المشهد الاقتصادي المرسوم للمنطقة، لكان اليومَ يخاطب جمهوره في الضاحية”.

الدولة العميقة في ​الولايات المتحدة​ تسعى الى كسب حروب اقتصاديّة ولو في كوكب زُحل. عينها على نفط فنزويلا مستترة وراء مهرّبي المخدرات، وعينٌ أخرى على دارفور الذي تبلغ مساحته 510 آلاف كلم مربع؛ دارفور أسواق الذهب وتجارة الماشية والحبوب، هو الإقليم الذي وصفته الأمم المتحدة بالمحرّك الاقتصادي العالمي، وترى فيه اميركا “سلّة غذاء” للعالم الجديد. كما وأن السودان تحتضن في أجوافها مليون ونصف طن من اليورانيوم، سبب وحده كاف لإشعال حرب عالمية ثالثة من أجل السيطرة عليها.

ما يحصل اليوم في القطاع الزراعي في الولايات المتحدة يؤكّد ان القارة استبدلت مراعيها الخضراء في كاليفورنيا بمناطق زراعية أكثر خصوبة وأقل كلفة في اليد العاملة، فنزل الملايين من الأميركيين الى الشارع احتجاجاً ضد سياسات “الحكومة الاستبدادية” في تشرين الأوّل الفائت، كردّ فعل شعبي وزراعي على أزمة كساد المنتجات الزراعية، وعدم تصريف الحكومة للإنتاج الفائض. كذلك أفلست عشرات شركات ​الزراعة​ في ولاية نيويورك، وعرض أصحابها معدّاتها بأرخص الأثمان، وهبطت أسعار الأراضي الزراعية بشكل مثير للشفقة، بحيث أصبح سعر آلاف الهكتارات الزراعية يساوي سعر سيارة مرسيدس.

لمصلحة من تدمّر اميركا حقولها الزراعية؟ ولمن يُباع مخزون المحاصيل الفائض من القمح والذرة الذي وصل لمستويات غير مسبوقة منذ سنوات؟ الجواب لا يعرفه سوى ديوان الملك “ترامب الأول” المتعاون مع الدولة العميقة التي يمتد نفوذها الى بريطانيا والسويد والدانمارك وفرنسا، لرسم خارطة شرق أوسط جديد وسلّة غذاء العالم في أفريقيا، ويوزعون المهام في عالم المال والتكنولوجيا على بعضهم من أثرياء العالم الجديد أمثال إيلون ماسك وساتيا ناديلا، تاركين حماس وحزب الله واسرائيل واجهة لصراعٍ بين “أولاد الحيّ”. فرِضا الحكومة الأميركية على إسرائيل لا يتعدّى كونها ممرًّا (كوريدور) لطريق التجارة الهندي. وكل ما نراه من حروب اليوم هو صراع ديوكٍ تريد ان يطلع الفجر على صوتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى