اعتراف إسرائيلي بصومال لاند… خطوة في رقعة البحر الأحمر أم رهان محدود العائد؟

كتب عبده بغيل| – عين اخبار الوطن
في تطور لافت يعيد تسليط الضوء على القرن الأفريقي، أثار اعتراف إسرائيل بجمهورية «أرض الصومال» المعلنة من جانب واحد، تساؤلات واسعة حول الأهداف الحقيقية لهذه الخطوة، وما إذا كانت تمثل بداية لتحول استراتيجي في معادلات البحر الأحمر وخليج عدن، أم مجرد تحرك سياسي محدود الأثر.
تقع أرض الصومال في موقع جغرافي بالغ الحساسية، بمحاذاة خليج عدن وعلى مقربة من مضيق باب المندب، أحد أهم ممرات التجارة العالمية التي تربط البحر المتوسط بالمحيط الهندي. هذا الموقع يجعل أي تحرك سياسي أو عسكري فيها محط اهتمام دولي، خصوصاً في ظل تصاعد التهديدات للملاحة البحرية خلال السنوات الأخيرة.
ويشير مراقبون إلى أن الاعتراف الإسرائيلي يأتي في سياق سعي تل أبيب لتعزيز حضورها في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطراباً، حيث شهدت الممرات البحرية هجمات متكررة، سواء من قبل الحوثيين في البحر الأحمر، أو سابقاً من قراصنة الصومال قبالة السواحل الشرقية لأفريقيا.
منافسة دولية محتدمة القرن الأفريقي بات ساحة مفتوحة لتنافس إقليمي ودولي معقد. فتركيا عززت حضورها في الصومال والسودان، فيما استثمرت الإمارات في موانئ بأرض الصومال، وتحتفظ دول أوروبية كفرنسا بقواعد عسكرية في جيبوتي. في المقابل، تعاني دول المنطقة من هشاشة داخلية وصراعات مزمنة، من الحرب الأهلية في السودان، إلى الانقسامات السياسية والأمنية في الصومال وإثيوبيا، وصولاً إلى الحرب المستمرة في اليمن.
ويرى محللون أن إسرائيل تحاول التموضع ضمن هذا المشهد، بما ينسجم – ظاهرياً – مع مصالح الإمارات في البحر الأحمر، في مقابل نفوذ تركي وقطري متزايد. غير أن هذا الاصطفاف لا يبدو ثابتاً أو مضموناً، في ظل حسابات معقدة للسعودية ومصر، ومخاوف إقليمية من أي تغيير في توازنات القرن الأفريقي.
قوة الموقع… وضعف الواقع
ورغم الأهمية الاستراتيجية للموقع، إلا أن خبراء يشككون في العائد الحقيقي لمثل هذا الاعتراف. فقد أظهرت التطورات الأخيرة أن تهديد الملاحة لا يتطلب وجوداً عسكرياً كبيراً، بل يمكن تحقيقه بوسائل بسيطة ومنخفضة الكلفة، كما فعل الحوثيون باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ، أو كما فعل قراصنة الصومال سابقاً بزوارق خفيفة وأسلحة فردية.
كما أن القرن الأفريقي يظل منطقة فقيرة بالموارد، تعاني دوله من ضعف مؤسساتي عميق، ما يجعل أي استثمار سياسي أو عسكري محفوفاً بالمخاطر، وقد تكون كلفته أعلى من مردوده.
خلاصة المشهد في المحصلة، يبدو أن اعتراف إسرائيل بصومال لاند يحمل بعداً رمزياً واستعراضياً أكثر من كونه تحولاً استراتيجياً حاسماً. فرغم تقاطع مصالح قوى كبرى وإقليمية في البحر الأحمر، إلا أن انشغال هذه الدول بملفات أكثر إلحاحاً قد يجعل من هذه الخطوة مجرد قطعة جديدة على رقعة شطرنج معقدة… رقعة لا تحسمها التحركات السياسية وحدها، بل موازين القوة والاضطراب الممتد في واحدة من أكثر مناطق العالم هشاشة.



