العرب بين الإمبراطوريات اليهودية والفارسية والعثمانية تصفير المشاكل والتوافق واليم

 

(عبدالقادر الجنيد)

***
٢٠ مايو ٢٠٢٣

ما هو اللافت للنظر في القمة العربية- يوم أمس- في جدة؟

يمكننا ذكر دستة أشياء تبدأ من عودة الرئيس السوري بشار الأسد، وحضور الرئيس الأوكراني زيلينسكي، وتفسيرات نصف حضور أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وغياب الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، وغياب كلمة الوحدة اليمنية من البيان الختامي رغم حضورها في المسودة.
والقائمة ستطول إذا زرنا الصفحات الأولى للجرائد الرسمية للبلاد العربية.

أنا سأختار مبدأ “تصفير المشاكل” الذي تتبناه المملكة العربية السعودية
ومبدأ “التوافق” الذي يعصف باليمن والذي قلبها رأسا على عقب والذي إذا استمر بهذا الإيقاع سيشرذم اليمن ويقضي عليها ربما لمائة سنة قادمة.

تصفير المشاكل مع من؟
والتوافق بين من ومن؟

هناك بقايا أو مشاريع ثلاث امبراطوريات غير عربية في المنطقة: اليهودية- الفارسية- العثمانية.
والسعودية، هي أكبر اقتصاد بين الدول العربية وكانت إلى قبل الأمس تقاوم أو تعارض أو تمانع طموحات الإمبراطوريات الثلاث.

مفترق طرق السعودية
*
التصدي للإمبراطوريات الثلاث، هو فوق طاقة السعودية.
الثراء السعودي، يجب حمايته من النزف في صراعات.
والانطلاق نحو مستقبل زاهر للمملكة، طموح عظيم ورائع.

“تصفير المشاكل”، أصبح قرارا استراتيجيا للسعودية.

حجم السعودية وقوة تأثيرها، فرض نفسه على البلاد العربية وجعل من تصفير المشاكل قرارا استراتيجيا لكل العرب.

**
أولا: الامبراطورية اليهودية
**

اسرائيل ممتعضة من المفهوم السعودي الجديد لتصفير المشاكل، الذي يشمل إيران.
اسرائيل يعجبها عندما يصفر العرب المشاكل معها فقط وليس مع الامبراطوريتين الأخريتين.

كانت تل أبيب في حالة بهجة ونشوة بإتفاقية “عيال إبراهيم” Sons Of Ibraham التي عقدت السلام والتطبيع الإماراتي البحريني معها بحماس واستعجال وكان يسيل لعابها وهي تراقب السعي الأمريكي للدفع بالسعودية للإنضمام ل “عيال إبراهيم”.

أمريكا، في حالة غيظ مكتوم.
ويفور أحيانا غيظ أمريكا من تقارب السعودية مع إيران، فيفيض من جوفها ويظهر للعيان.
كانت أمريكا، تريد فقط مقاربة سعودية-إيرانية محدودة بما يكفي شرعنة الحوثيين في اليمن وتجميد حرب اليمن حتى ولو أدى هذا لتثبيت توسعات إيران في اليمن.

ولكن أدى “تصفير المشاكل” السعودي مع إيران ليس فقط إلى التهديد الوجودي لليمن وتثبيت أقدام إيران في اليمن ولكن أدى أيضا إلى إغاظة اسرائيل وتعزيز سلطة وسيطرة وتأهيل بشار الأسد في سوريا والتعايش مع التوسعات الإيرانية الامبراطورية كحقائق على الأرض لا يمكن تجاوزها.

تحاول أمريكا واسرائيل الآن، كبح الهرولة السعودية لتصفير المشاكل مع إيران، وتضغط الدولتان على مصر لكي لا تقلد السعودية وتوافق على التصالح مع إيران.

ويبقى معنا مصير الملايين الفلسطينيين واللاجئين الذين لن تتصفر مشاكلهم ومأساتهم.

**
ثانيا: الامبراطورية العثمانية
**

كانت هناك محاولة للانبعاث العثماني.
تصدت اسرائيل للعثمانية داخل الكونجرس الأمريكي وبعثت القضية الأرمنية من بين الرماد.
تصدت أمريكا للعثمانية في الناتو والعقوبات والأكراد والأرمن.
تصدت أوروبا للعثمانية باحتضان الأكراد ونبذها من الانضمام للإتحاد الأوروبي.
تصدى العرب للعثمانية تحت إسم محاربة الإخوان المسلمين.
إيران، ساندت الرئيس التركي إردوجان بقوة في مواجهة انقلاب ٢٠١٦ وعقدت معه إتفاقات نفطية وغازية وتجارية كبرى بعد فشل الإنقلاب.

انتهت العثمانية.
كل ما تأمل به تركيا الآن هو علاقات إقتصادية متينة مع إسرائيل وإيران والعرب.
والعرب كلهم، لا مانع عندهم من تصفير مشاكلهم مع تركيا بعد أن تراجعت أحلام إردوجان.
ويبقى معنا الرئيس بشار الأسد الذي ذكرنا في خطابه في القمة العربية يوم أمس ب “الامبراطورية العثمانية الإخوانية”

ويبقى معنا مصير الملايين السوريين واللاجئين الذين لن تتصفر مشاكلهم ومأساتهم.

**
ثالثا: الامبراطورية الفارسية
**

الرابح والفائز والمنتصر العظيم وربما الوحيد من استراتيجية “تصفير المشاكل”، هو إيران.

عمليا ورسميا، لم يعد أحد من العرب يعارض ناهيك عن مقاومة التوسعات الإيرانية في المنطقة.
أمريكا أصلا، كانت موافقة على مبدأ أن إيران دولة ذات تراث مجيد وذات قوة حالية كبيرة، ومن حقها أن تحصل على نفوذ وتأثير وسيطرة على الدول العربية.

ويبقى معنا مصير الملايين اليمنيين واللاجئين الذين لن تتصفر مشاكلهم ومأساتهم.

الخاسر الأكبر من “تصفير المشاكل”، هو اليمن.

فقدت اليمن من كان يقول:
“أمن السعودية من أمن اليمن وأمن اليمن من أمن السعودية”.

**
رابعا: سقوط اليمن بين “تصفير المشاكل” و “التوافق”
**

وكأن اليمن لا يكفيها ضربة مبدأ “تصفير المشاكل” فإنه يتم طعنها يوميا بمبدأ “التوافق”.

رسميا، “التوافق”، هو أن يتم إتخاذ أي قرار يخص اليمن بناء على توافق أعضاء مجلس الرئاسة القيادي اليمني.

عمليا، هناك نصف أعضاء مجلس الرئاسة اليمني يتخذون قرارات فردية ضاربين بالتوافق عرض الحائط ويتمتعون بدعم الإمارات المالي والمادي واللوچستي ويعملون على فصل الجنوب أو فك الارتباط.

عمليا، لا أحد في النصف الثاني من أعضاء مجلس الرئاسة اليمني يصرون على مبدأ التوافق الذي يخترقه ويمزقه الانفصاليون.

عمليا، لا تعارض السعودية جهود الإمارات لتفكيك اليمن ولا التقدم المستمر في جهود الانفصاليين.

وهكذا، يقترب الحوثيون من النصر النهائي مع الامبراطورية الفارسية في اليمن؛
تحت مبدأ “تصفير المشاكل”

وهكذا يقترب “الانفصاليون” من النصر النهائي مع الإمارات في اليمن؛
تحت مبدأ “التوافق”.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك-

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى