وطن كفن !

بقلم / صباح نور الصباح

وطن كفن !

كان بالإمكان أن لا يذهب
إلى الموت دفعة واحدة
بل كما يفعل الصاعدون إلى ربهم
خطوة خطوة
على سلالم الوقت..
كان بالإمكان أن لا يكون هناك الآن وحيدا
بلا عنوان
ولا شاهدة قبر
لو أن أباه لم يتناول كأس الشاي الثقيل بعد وجبة العشاء
وأمه لم تنس حبة منع الحمل..
كان بالإمكان أن لا يكون شهوة الموج
للعبة النجاة و الموت
لو أن معلما لم يصفعه
حين خربش على الجدار إسم حبيبته
لو أن فراشة حطت على كتفه في صباح كئيب وأيقظت في روحه الربيع وموسم الدفء
كان بالإمكان أن لا يضاجع جسده الموجُ
ولا يثمل من دمه البحر
لو أن قطة لعقت أطرافه
دون أن تطالب بحصتها في السمك
وإمرأة فتحت بوابة هواماته
وأطلقت عصافير نشوته
كان بالإمكان أن لا يكون وليمة للملح
ولا زنخا للبحر
لو أن داعية لم يصبه بطلق من فتاويه
أو أن سياسيا لم يستمن وعوده في أفواه الجائعين
ويدس لهم السم في الحلم
كان بالإمكان أن لا يسافر إلى فكرة الموت على زورق من ورق
لو أن أحدا أطلق النار على حشود انكساراته
وذوب له جرعة من أمل في كأس الوجع
كان بالإمكان أن يكون هنا الآن
لو أن الطرقات لم تدخن وحدته
والليالي لم تمضغ رغبته
لو أن الأرصفة لم تبصقه على قارعة الأرق..
كان بالإمكان أن يحضر القيامة ويسأل الرب
لم ماتت الفسيلة في يدي قبل أن أغرسها وقبل أن تنفخ في الصور ملائكتك !
كان بالإمكان أن يكون هنا الآن
لو أن القصيدة لم تخنه
بمزامير لغة فارهة
وأبجدية تجيد ضرب الدف
كان بالإمكان أن يكون هنا الآن قبالة البحر
يتناول مع حبيبته طبقا من السمك
يقتنصان القبل
فقط لو أن رقعة الوطن كانت أوسع من رقعة الكفن..
صباح نور الصباح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى