‏هذا هو الوضع الآن وهناك خطر على الشرعية اليمني

 

✍️عبدالقادر الجنيد

الحوثيون، قد وصلوا قبل يومين إلى السعودية ليتفاوضوا.

الحوثيون- من المؤكد أنهم- لم يذهبوا للتباحث مع السعوديين، إلا بعدما تلقوا بَشَارات وإشارات من العمانيين أن هناك تنازلات جديدة قدمها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لسلطان عمان طارق بن هيثم في زيارته “الخاصة” الغير معهودة والغير المبرمجة.

الحوثيون، يريدون مفاوضات مع السعودية فقط،
ويريدون فلوسا كثيرة بلا عدد تحت مسميات متنوعة كثيرة،
ويريدون إقصاء الشرعية اليمنية.

موضوع اليوم، هو حول إعطاء توصيف للمستجدات الجديدة.
وقبل كل شيئ هو للتأكيد على أن هناك خطر على الشرعية اليمنية، ليس من ناحية الفكرة والمبدأ فقط ولكن أيضا من حيث الاستمرار بالحياة وبالتواجد على الأرض.

وهذا تنبيه للسعودية.
وهذا تنبيه للمجلس الرئاسي اليمني.
وهذا تنبيه لما تبقى من قلاع المقاومة والعزيمة والنفْس الأبية والنفَس الطويل التي هي محاصرة ولكن مازالت على قيد الحياة في تعز ومارب.

**
أولا: النية والعزيمة
**

*السعودية، لن تقوم بأي أعمال عسكرية لدعم الشرعية في اليمن
*إيران، ستستمر بالدعم وبعلاقتها العسكرية الخفية والصريحة مع الحوثيين في اليمن.

{{ هذا وضع ردئ للشرعية اليمنية }}
{{ لا يجب أن يدخل أي طرف في مباحثات وهو يقول بأنه لن يقاتل بينما الطرف الثاني يهدد ويتوعد بأنه سيقاتل، “إلا إذا كان الطرف الأول خائفا وقد فقد العزيمة” }}

**
ثانيا: القوي والضعيف
**

*السعودية، في الوضع الحالي، أضعف من إيران.
*الشرعية، في الوضع الحالي، أضعف من الحوثيين.

{{ هذا وضع ردئ للشرعية اليمنية }}
{{ لا يجب أن يدخل أي أحد في مباحثات وهو أضعف من الطرف الآخر، “إلا إذا كانت هناك نية الاستسلام” }}

**
ثالثا: التأثير الخارجي
**

*السعودية، تحت تأثير أمريكا، التي تصمم على وقف الحرب حتى لو هناك تنازلات أحادية للحوثيين والإيرانيين.
*الشرعية، تحت تأثير السعودية، التي تصمم على وقف الحرب حتى لو هناك تنازلات أحادية للحوثيين والإيرانيين.

{{ هذا وضع ردئ للشرعية اليمنية }}
{{ لا يجب أن يدخل أي أحد في مباحثات وهو في حالة نفسية ومعنوية قابلة لتقديم تنازلات من طرف واحد، “إلا إذا كان قد أصابه اليأس” }}

**
رابعا: وحدة الصف والقيادة
**

*السعودية، ليست على إتفاق مع الإمارات وهذا شرخ لوحدة صف التحالف الداعم للشرعية اللذين كانوا سابقا على قلب وقالب واحد.
*الشرعية، مشقوقة بمجلس رئاسي من ٧ نواب رئيس يختلفون مع رئيسهم الثامن، وكل منهم معه “مشروعه الخاص”.
الحوثية، قيادة مركزية كهنوتية صارمة واحدة، غير قابلة للشرخ.
*إيران، قيادة مركزية كهنوتية صارمة واحدة، غير قابلة للشرخ.

{{ هذا وضع ردئ للشرعية اليمنية }}
{{ لا يجب أن يدخل أي أحد في مباحثات وهو متشقق بينما الطرف الآخر موحد القيادة ومنضبط وموحدة صفوفه، “إلا إذا كان تائها وفاقدا لبوصلة القيادة” }}

**
خامسا: النفَس الطويل
**

*السعودية، قد حولت أنفاسها بعيدا عن اليمن ولم يعد معها لا نفس طويل ولا حتى قصير.
*الشرعية، تستمد أنفاسها من أنفاس السعودية التي لم يعد معها نفس لليمن.

{{ هذا وضع ردئ للشرعية اليمنية }}
{{ لا يجب أن يدخل أي أحد في مباحثات وهو قد جرب طول نفس أعدائه واستيلائهم على أربعة عواصم عربية، “إلا إذا كانت قد تقطعت أنفاسه وضاعت قدراته” }}

**
سادسا: أسوأ سيناريو
**
هذا هو أسوأ سيناريو قد يحدث لليمن:

*السعودية، تفاوض الحوثيين مباشرة؛
لتنسحب المملكة من حرب اليمن،
وقد يتخلوا عن الشرعية اليمنية التي هم أصلا من خلقها ورعاها،
وليبدؤوا عالما جديدا من المكانة العالمية، يتخيلونه أفضل.

*الحوثي، يفاوض السعودية مباشرة؛
بهدف لا يتزحزح وهو السيطرة على كل اليمن،
وطرد السعودية،
والقضاء على الشرعية.

*الشرعية، بعد كل ما حدث ويحدث بها؛
قد انتبذت مكانا قصيا،
وصارت نسيا منسيا،
ولا تدري ما يحدث،
ولا ما سيحدث.

وربما يسوء السيناريو زيادة.
قد تدشن مباحثات الحوثيين بالسعوديين، وضعا جديدا، يتنعمون به بمزايا مالية على حساب اليمنيين وأخرى ربما أكبر على حساب السعوديين، بجانب ما يحصلون عليه من الإيرانيين.
وقد يتدهور السيناريو أكثر بانعكاس كل هذا سلبا على الشرعية ويفاقم عللها وأمراضها المزمنة.
أو قد تصاب الشرعية بأمراض جديدة لم تكن في الحسبان بسبب اجتماع الإحباط مع انهيار المعنويات مع عدم ثقة أعضاء المجلس الرئاسي ببعضهم أو بحلفائهم أو بالرأي العام.

{{ هذا وضع ردئ للشرعية اليمنية }}
{{ لا يجب أن يدخل أي أحد في مباحثات ستقرر مصير غيره، وفي غيابه، ومن وراء ظهره، “إلا إذا كانت الشرعية قد صارت في غرفة الإنعاش” }}

**
سابعا: هذا ما سيحدث
**

١- لن يتخلى الحوثي أبدا عن سيطرته على المناطق التي يحتلها، ولا عن مصانع تعز والحديدة، ولا عن جهوده للاستيلاء على قطاع التجارة والبنوك والصرافة والأعمال.

٢- لن يتخلى الحوثي أبدا عن الميليشيات ولا عن الجيش ولا عن السلاح الذي تحت سيطرته.

٣- لن يتخلى الحوثي أبدا عن علاقته مع إيران.

٤- لن يوافق الحوثي أبدا على المشاركة بالحكم تحت ظل الدستور والمرجعيات أو تحت ظل أي ترتيب آخر.

٥- لن يتخلى الحوثي أبدا عن جهوده بغسل مخ الأطفال والبسطاء بغرض تمجيده وإعلاء قيمته الدينية ولا عن جهوده لتغيير هوية اليمن.

٦- سيأخذ الحوثي- الآن- ما يستطيع من مزايا من اليمنيين والسعوديين، ثم سيبدأ بابتزازات جديدة وادعاءات جديدة واعتداءات جديدة لتنفيذ طلبات جديدة وشروط جديدة وإملاءات جديدة، لم تخطر على البال.

٧- لن تحدث أي مفاوضات بين الحوثيين والمجلس الرئاسي اليمني أو الحكومة اليمنية الشرعية للتوصل لحل سلمي شامل دائم لا في الوقت الحاضر ولا في المستقبل القريب ولا في المستقبل البعيد.
وإذا حصلت معجزة وتفاوض الحوثيون مع اليمنيين، فستفشل المفاوضات فشلا ذريعا.

٨- سيتفاخر الرئيس الأمريكي بايدن ب “تجميد حرب اليمن”، وستنشغل السعودية باهتماماتها الجديدة التي لا تنتهي، وستتباعد عن حماية الشرعية من نواب الرئيس، وستستمر الإمارات بحركاتها مع نواب الرئيس الأربعة، وستستمر إيران بدعم الحوثي، وسينتظر الحوثي اللحظة المناسبة لينقُضَ اتفاقاتِه ولينقَضْ على كل اليمن.

**
ثامنا: عودة الرئيس العليمي أو نوابه إلى صنعاء
**

قاعدة ذهبية: لا أحد يتشارك مع طرف مسلح أقوى منه.

إذا تهابل أي مسؤول من مسؤولي الشرعية وقبل مشاركة الحوثيين المسلحين بأي شيئ داخل صنعاء، فسيكون مصيره:
١- مثل أحمد الشامي؛
الملكي- إبن أخت الإمام أحمد- الذي عينوه عضو مجلس جمهوري في صنعاء وجلس عدة أيام ثم هرب.

٢- مثل علي سالم البيض؛
الإشتراكي الذي شارك القبيلي المسلح كنائب رئيس جمهورية، فاضطهدوه وطفشوه ثم حاربوه، ثم هرب.

٣- مثل الإشتراكيين؛
اللذين جاؤوا من الجنوب، وتعايشوا مع المسلحين الأقوى، ثم ماتوا في حوادث مرور أو سيكونون “كروتا” مثل باقي الأحزاب يتلاعب بها المسلح الأقوى.

٤- مثل المرحوم صادق الأحمر،؛
الذي أصبح مجرد “هِجرة”، بعد أن كان شيخ مشائخ وحامي كل “هِجرة” من “السيد” إلى “المُزَين”.

٥- مثل صادق أبو راس؛
الموجود معهم “نظريا” كشريك للحوثيين امتدادا لشراكتهم مع الرئيس صالح الذي قتلوه بتفجير رأسه، والحوثيون كل شوية يهينوه ويهددوه ويشرشحوه.

٦- مثل عبد العزيز حبتور؛
الذي خان الرئيس هادي وهرب من عدن إلى عند الرئيس صالح، ثم ورثه الحوثي ودجنه حتى أصبح يطلق “صرخة الخميني”، ثم أصبح رئيسا لوزراء الحوثيين، رمزا لعلامة “الجودة” في الخنوع والخضوع والتشارك مع الحوثيين.

٧- مثل الرئيس رشاد العليمي؛
رئيس الشرعية الذي- مثله مثل الرئيس هادي- يجلس محبوسا إقامة جبرية في قصر معاشيق لعدة أيام أو أسابيع، ثم يطرده مسلحو عيدروس الزبيدي والمجلس الانتقالي الانفصالي والإماراتيين، ليعود بعد ذلك بجهود وحراسة وحماية السعودية.

**
تاسعا: المعركة مستمرة
**

سواء نجح الحوثيون بانتزاع تنازلات مميتة لإنهاء الشرعية أو اكتفوا بتنازلات نصف مميتة من السعوديين، فإن المعركة مستمرة.

سواء، استمر أعضاء المجلس الرئاسي بمشاريعهم الخاصة أو برؤوا وتعافوا من أمراضهم، فإن المعركة مستمرة.

سواء تخلى السعوديون عن دعم الشرعية أو اكتفوا ببيانات سكرية وعسلية، فإن المعركة مستمرة.

المعركة مستمرة، لأن هناك رفض حقيقي وأصيل للحوثيين والإيرانيين داخل اليمن، لكن لم يكن هناك حسن أداء باستثمار الرفض اليمني الشامل للحوثيين ولا حشد اليمنيين بطريقة احترافية لخوض هذه المعركة الوجودية.

المعركة مستمرة، لكن في ظل ظروف أصعب للمقاومين للحركة الحوثية وللتوسع الإيراني.

المعركة مستمرة، حتى تحصل اليمن على جيش وطني “حقيقي” من كل مناطق اليمن، تحت إمرة رئيس جمهورية واحد وقائد سياسي واحد يتم التوصل إليه بحسب المرجعيات والدستور، يحكم لفترتين رئاسيتين ثم يتخلى عن الحكم.

وهذا تنبيه للسعودية.
وهذا تنبيه للمجلس الرئاسي اليمني.
وهذا تنبيه لما تبقى من قلاع المقاومة والعزيمة والنفْس الأبية والنفّس الطويل، التي هي محاصرة ولكن مازالت على قيد الحياة في تعز ومارب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى