*يأتي متأخراً بحرب*

 

✍️ بسمة العوامله

قد يبدو العنوان غريباً بعض الشيء، و لكنه الوصف الادق حيال ما نشاهد منحروب و نزاعات بالعصر الحديث، فلقد كانت المنظمات الدولية المعنية بتطبيقمباديء القانون الدولي الانساني حتى وقت قريب تعتمد على ذات المصادر وعلى القواعد الاساسية التي تم الاعتماد عليها في تطبيق القانون الدوليالانساني ، و لكن في ظل التسارع الحاصل و التقدم في صناعة الاسلحةسواء من حيث التطوير في استخدام الاسلحة الكيميائية او من ناحيةاستخدام الذكاء الاصطناعي في خوض الحروب بحيث يتم استخدام الروبوتاتفي الحروب و النزاعات ، كل ذلك يتطلب اعادة النظر في بنود هذا القانونفمثلاً عمدت الولايات المتحدة الامريكية منذ سنوات على دمج الذكاءالاصطناعي في جيشها ، بهدف استخدام هذه التقنيات الحديثة في حروبهاالمستقبلية ،

كذلك عمدت قوات الاحتلال الاسرائيلي على استخدام الذكاء الاصطناعي فيحربه ضد اهالي غزة، و هذا ما اشارت الية جلالة الملكة رانيا في المقابلة التيشاهدناها على برنامج سي بي اس خلال الاسبوع الحالي ، و قد نبهتجلالتها الى موضوع استخدام اسرائيل لإنظمة الذكاء الاصطناعي لتحقيقاكبر عدد ممكن من الأهداف التدميرية و كيف انها قد تخلت عن مبدأ التناسبو التمييز بين المدنيين و المقاتلين بهذه الحرب الطاحنة

،و كيف انها اخرجت الانسانية من حساباتها و ضربت عرض الحائط بكلالقوانين و المواثيق الدولية ، و هذا الامر يستدعي ضرورة سن قوانيين وتشريعات جديدة في مباديء و بنود القانون الدولي الانساني لضبط و تجريماستخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب كالطائرات المسيرة و الروبوتاتالقاتلة ، فهذه الاسلحة قادرة على تحديد مواقع الاهداف البشرية و مهاجمتهادون تدخل بشري بحيث تُحدث تدميراً و فتكاً اشد و اعمق ، بحيث لا يكونهناك ضوابط للتفريق و التمييز بين المقاتلين و العسكريين و بين المدنيين من غيرالمقاتلين .

 

فالقواعد القديمة التي كانت يحتكم اليها للحد من اثار النزاعات المسلحة وقوانين الحرب التي كان معمول بها سابقاً ، لم تعد قادرة على حماية المدنيينوالاعيان المدنية كالمستشفيات و المدارس و دور العبادة و غيرها ، و لا حتىبقادرة على تقديم المساعدات للمتضررين من الحرب كالاسرى و الجرحى و لاحتى تقديم المساعدات الانسانية للاطراف المدنية كالغذاء و الماء و الدواءالضروريه لبقاءهم مثل مصادر الغذاء و المياه و المحاصل الزراعية و غيرها

فالقانون الدولي الانساني كغيره من القوانين يحتاج الى إجراء تعديلات علىمواده لمواكبة التطورات بصناعة الاسلحة و الاستراتيجيات العسكرية الجديدة والتي لم تعهدها الشعوب في النزاعات المسلحة و لوضع ضوابط ومعاييراستخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب ، و هذه المطالبات ليست من بابشرعنة الحروب و إنما من باب الاعتراف بحقيقة أننا لا نملك القوة الكافية لمنعوقوعها ، و اعتباراً بأن الحروبُ أمر لا مفر منه و هي شراً لا منه ،فأقلها لنضعلهذه الحروب الضوابط و القواعد للحد من آثارها و تداعياتها على الانسانية ،بحيث تتوافق هذه القواعد مع قوانين الحرب  و تصون بذات الوقت الحد الأدنىمن الكرامة الإنسانية و تضمن إمكانية التعايش معاً من جديد .

 

و عودة لعنوان المقال ، فهذه المقولة كانت هي نافذة البداية لتعمقي في دراسةالقانون الدولي الإنساني الذي كانت قواعده تأتي متأخرة بحرب ، أي أنالحروب و النزاعات الحديثة تفرز اوضاعاً جديدة تستدعي تطوير لمنظومةالقانون الدولي الإنساني ليواكب التطورات الجديدة في كل حرب لم يشهدهاالمجتمع الدولي من قبل•

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى