*ما ينفع القيس عُقب الغرق*

 

✍️ بقلم / بسمة العوامله

ظلت أمي رحمها الله كلما رأتني اندفع بشغف و حماس تجاهفكرة ما او هدف تخاطبني بهدوء أن يا ابنتي من لا يقوس قبل لايغوص ما ينفع القوس عُقب الغرق ، و هذه الحكمة او المثلالبدويّ المُغرق في القِدم ، يقال للشخص لحثه على التخطيطالجيد قبل القيام بالتنفيذ ، أي بمعنى من لا يقيس و يدرس قرارهو خطوته جيداً ، لا ينفعه بعد ذلك الندم بعد فوات الأوان

فالقرارات المتسرعة عادةً ما يتبعها و تجلوها استفاقة الغافل بعدالغرق في خطأ القياس او التقدير .

و هذا تماماً ما استشفه جيداً من القرارات الحكومية الأخيرة ،فلقد تفاجأت كما غيري من المواطنين ، بأن الحكومة كانت قداعلنت عن تلك القرارات دون أن تُقدم لنا دراسة مسبقة بمايسمى بالأثر التشريعي للقرار او القانون . فلقد تعلمنا منذبواكير دراستنا من أن

تحليل الأثر التشريعي أو تقييم الأثر يتم إنشاؤه قبل طرحتشريع حكومي جديد سواء اكان قانون او قرار  بحيث يتم تقدمتحليلات الأثر التشريعي

لاجل تقييم مفصل ومنهجي للآثار المحتملة للتشريع الجديد منأجل تقييم ما إذا كان هذا التشريع سيحقق الأهداف المرجوة منهأم لا

و ما مدى الفائدة التي سيحققها هذا التشريع الجديد لأنه كمانعلم فإن التشريع عادة ما يترتب عليه العديد من الآثار وغالبًا مايصعب التنبؤ بها دون دراسة تفصيلية وإجراء مشاورات معالأطراف المعنية.

كما يُظهر كذلك النهج الاقتصادي لقضية التشريع إذا ما كانينطوي على مخاطر عالية بحيث تتجاوز تكاليف التشريع فوائدهالمرجوة .

ومن هذا المنظور، يكون الغرض الأساسي من تحليل الأثرالتشريعي ضمان أن يكون التشريع معززًا للرفاهية من وجهةنظر المجتمع  بمعنى أن تتجاوز الفوائد التكاليف المترتبة علىانشاء التشريع او القرارات ويجري تحليل الأثر التشريعي عامةفي سياق المقارنة و المفاضلة مع وسائل أخرى مختلفة لتحقيقالهدف المنشود الذي يجري من خلاله

تحليل المنافع والتكاليف ليصبح الأسلوب المنهجي المعتمد .

 

فهناك  مثلاً 12 دولة و اكثر تنتمي لمنظمة التعاون والتنميةالاقتصادية  والتي تنضوي تحت مظلة المنظمة كانت قد نفذتمتطلبات تحليل الأثر التشريعي بشكل او بآخر .

 

كما بدأ البنك الدولي يوصي عملاءه من الدول بتنفيذ متطلباتتحليل الأثر التشريعي. ونتيجة لذلك، اعتمد عدد متزايد من الدولالنامية الآن متطلبات تحليل الأثر التشريعي نتيجة لانعكاساتهالايجابية على اقرار القوانين و القرارات الجديدة الصادرة عنها.

فلماذا نحن اذن نغرد وحيدين خارج السرب ؟!

فاا يستقيم مع المنطق محاولة خلق فرص عمل جديدة من خلالتطبيق قرارات لم يتم دراسة الأثر التشريعي لها .

 

كنت اتمنى من اصحاب القرار لو كانوا قد التقطوا الرسائل التياشار اليها ولي العهد الامير الحسين في مقابلته الاخيرة عندماتحدث في الجزء المتعلق بالاقتصاد حين قال بأن قوتنا بإقتصادناومن إننا نملك موارد بشرية تحتاج الى شغل مؤسسي ، و منوجوب ان نشتغل على المستوى التعليمي و نطوّر البيئةالإستثمارية  و نشتغل كذلك على القطاع العام بحيث يخدمالمواطن و المستثمر ،وعندما نوه سموه الى أن بعض المؤسساتفي الدولة اذا ما غاب ما نسبته 50% من الموظفين او ما داوموا ،فانه لا يكون لغيابهم اي تأثير ، و لكن سموه لم يقل بأنه يجبالاستغناء عنهم او حصارهم بقرارات استعجالية وغير مدروسة،و انما اشار الى وجوب تأهيل كوادرنا البشرية لزيادة الإنتاجية.

 

و هنا يأتي دور معهد الإدارة العامة في تدريب هذه الكوادر وبالتالي غربلتها ، فالموظف الكفوء يكافىء ، و المتقاعس يتمالاستغناء عن خدماته دون اللجوء الى قرارات تمنع الموظف منالعمل خارج اوقات الدوام ، فما دام هذا الموظف يؤدي عمله علىخير ما يرام فلماذا تمنعه من أن يحسّن دخله و يستغل وقتهبعمل مفيد ، بحجة افساح المجال لغيره من الباحثين عن فرصةعمل.

يجب أن يُعاد التفكير بهذه القرارات بعد دراسة الأثر التشريعيالمترتب عليها

كذلك من باب إن كنت لا تعلم فاعط القوس باريها ( بمعنىاستعن باهل المعرفة و الخبرة ) في هذا الملف

فيتوجب على الحكومة ان تمنح معهد الإدارة العامة الصلاحياتالكافية لتقييم الموظفين بعد تدريبهم وتاهيلهم  و بالتالي اختبارالموظفين الذين اثبتوا كفاءتهم و الاستغناء عن المتقاعسين منهم ،و بذلك يتحقق لنا محاربة الترهل الإداري و بذات الوقت المحافظةعلى بقاء اصحاب الكفاءة و الخبرة في مجال العمل و عدمخسارتهم  وهروبهم الى دول اخرى .

و للمرة المليون نقول لاصحاب القرار ، ارجوكم قياس الأثرالتشريعي يسبق اصدار القانون و القرارات و ليس العكس ،هذاما تعلمناه في الف باء الإدارة .

واخيراً قيسوا قبل لا تغوصوا و ما خاب من استشار و سلامتكو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى