السعوديات يعززن ريادة الأعمال.. قوة اقتصادية متنامية في المملكة
عين اخبار الوطن – الخليج
على مدى السنوات الأخيرة، شهدت المملكة العربية السعودية تحولات كبيرة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وكان من أبرز هذه التغيرات زيادة دور المرأة في سوق العمل وريادة الأعمال.
وأحد أبرز العوامل التي أسهمت في تمكين السعوديات في التجارة هو التغيرات التشريعية والاجتماعية التي حدثت في المملكة خلال السنوات الماضية، خاصة بعد أن تبنت الحكومة السعودية رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتمكين المرأة.
ومن خلال هذه الرؤية، تم اتخاذ عديد من الإجراءات لدعم المرأة وتمكينها اقتصادياً، وضمن ذلك تسهيل دخولها إلى سوق العمل وتمكينها من فتح وإدارة مشاريعها التجارية بسهولة.
منافسة نسائية
أظهر تقرير حديث صادر عن وزارة التجارة السعودية أن عدد السجلات التجارية التي تم إصدارها خلال الربع الثالث من العام الجاري، بلغ نحو 136 ألف سجل، ما يمثل زيادة بنسبة 62% تشمل كلاً من الشركات والمؤسسات.
وبهذا الارتفاع، وصل إجمالي عدد السجلات التجارية في المملكة إلى 1.5 مليون سجل، منها 1.13 مليون سجل مخصص للمؤسسات، في حين تجاوز عدد السجلات الخاصة بالشركات 389 ألف سجل.
وأوضحت الوزارة أن 46.8% من السجلات التجارية للمؤسسات مملوكة للسيدات، وهو ما يقارب 527 ألف سجل.
ومن جانبها، أشارت وكيلة العلاقات الدولية في وزارة الاستثمار، سارة السيد، إلى أن نسبة الشركات التي تديرها نساء في المملكة، شهدت زيادة بنسبة 60% خلال العامين الأخيرين، لافتة إلى أن النساء يملكن ويدرن 38% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية.
وجاءت هذه التصريحات خلال مشاركتها في فعالية نظمتها المفوضية الأوروبية والغرفة التجارية الأوروبية في الرياض برعاية شركة DHL، التي ركزت على دور المرأة في المناصب القيادية.
وأكدت السيد أن نسبة تمثيل النساء في مجلس الشورى وصلت إلى 20%، في حين تشغل النساء 50% من عضوية مجلس حقوق الإنسان، مع ارتفاع ملحوظ في عدد الدبلوماسيات العاملات في وزارة الخارجية.
وفي أواخر العام الماضي، أعلنت المملكة عن هدفها لزيادة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل إلى 40% بحلول عام 2030، وذلك بعد أن ارتفعت النسبة الفعلية من 17% إلى 35.3%، متجاوزةً الهدف المحدد في “رؤية 2030″ البالغ 30%، وجاء ذلك على لسان وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، المهندس أحمد الراجحي، خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن فعاليات ملتقى الميزانية 2024.
نجاح متنامٍ
وتقول الأكاديمية والباحثة في الاقتصاد الدولي، ماردين محسوم فرج، إن التمكين الاقتصادي للمرأة يُعدّ من المواضيع الأساسية في مجال الدراسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية، حيث يُعنى بتحسين قدرة المرأة على الوصول إلى الموارد الاقتصادية وتعزيز استقلاليتها المالية.
وتبين لـ”الخليج أونلاين” أن أهمية تمكين المرأة تتمثل في توفير البيئة المناسبة للمرأة لتعزيز مساهمتها الاقتصادية وزيادة فرصها في الوصول إلى الوظائف، والمشاريع، والممتلكات، مما يؤدي إلى تحقيق الاستقلالية المالية والارتقاء بمكانتها الاجتماعية.
وتؤكد فرج أنّ عمل المرأة يشكل أداة فعالة لتقليل الفجوات بين الجنسين، حيث يعزز العدالة الاقتصادية والاجتماعية، ويشجع على بناء مجتمع يحقق التكافؤ ويتيح الفرص المتساوية للجميع.
وتضيف أن دور المرأة السعودية في العمل مهم جداً، لأن زيادة المشاركة وانخراط السعوديات في سوق العمل يسهمان في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين دخل الأسرة، مما يعزز الاستقلال المالي ويسهم في تحقيق نوع من العدالة الاقتصادية بين الجنسين.
وتشير إلى أن زيادة مشاركة المرأة في الوظائف المختلفة أسهمت في تقليل فجوة الأجور بين الجنسين، إذ إن الدور المتنامي للمرأة السعودية لم يأتِ بشكل مفاجئ، بل كان نتاج جهود تراكمية بدأت منذ سنوات، وتبلورت بشكل أكبر بعد مؤتمر التنمية المستدامة “ريو+20” لعام
2012.
وتوضح فرج أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ووزارة العدل كان لهما دور محوري في تمكين المرأة السعودية، من خلال سياسات التوظيف والمساواة، وبرنامج دعم التوازن بين الحياة العلمية والأسرية، وضمان حقوق العمل وتوسع فرص العمل في قطاعات المختلفة، فضلاً عن إصلاحات قوانين الأحوال الشخصية وفتح المجال للنساء للعمل في المحاماة والقضاء.
وتلفت إلى أنه رغم التقدم الملحوظ في زيادة مشاركة النساء في سوق العمل السعودي، إلا أن هناك تحديات لا تزال تعرقل جهودهن، مما يؤثر على قدرتها على الاستفادة الكاملة من هذه الفرص.
وتردف أنه “من أبرز هذه التحديات صعوبة في التوازن بين العمل والمسؤوليات الأسرية، والفجوة بين الجنسين في بعض القطاعات، ونقص التوجيه والدعم المهني، وقد تكون بعض النساء غير واعيات بالمبادرات الحكومية أو الفرص المتاحة لهن في سوق العمل”.
وتعتقد أنه مع استمرار الدعم الحكومي والمجتمعي، ستستمر النساء في تعزيز دورهن في مختلف مجالات العمل، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة في المملكة، حيث أصبحت المرأة السعودية رائدة في تغيير الصورة النمطية للعمل من خلال دورهن الفعال.
توسع كبير
توسعت المشاركة الاقتصادية للمرأة في سوق العمل السعودي بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، نتيجة للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي أتت ضمن رؤية السعودية 2030، والتي تسعى إلى تمكين النساء وزيادة مشاركتهن الاقتصادية عبر توفير فرص وظيفية وتعليمية جديدة، إضافة إلى دعم المشاريع النسائية.
ويحظى تمكين المرأة باهتمام كبير من الدولة، حيث وضعت رؤية 2030، أهدافاً واضحة تضمن تأهيل النساء لشغل الوظائف والمساهمة في صنع القرار، مما يعزز دورهن في دعم النمو والإنتاج.
وقد تسارعت وتيرة تقدم المرأة بفضل مجموعة واسعة من القرارات والتشريعات التي حمت حقوقها، ورسخت مكانتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى مختلف جوانب الحياة.
وعلى الرغم من التحديات الاجتماعية، أثمرت جهود الحكومة زيادة نسبة النساء العاملات في قطاعات متنوعة، من ضمنها التكنولوجيا، والهندسة، والصناعة، مما أسهم في تعزيز الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل.
كما فتحت السياسات الداعمة مثل تخفيف القيود على قيادة المرأة وتسهيل سفرها، المجال أمام نمو ريادة الأعمال النسائية، حيث أصبحت السعوديات يشكلن قوة اقتصادية مؤثرة عبر إدارة أعمال تجارية مختلفة، من ضمنها التجارة الإلكترونية والاستثمارات في المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
التوسع في التعليم وإعداد الكوادر النسائية في مجالات مثل الأعمال والهندسة، ساعد بشكل كبير على تحسين المهارات المطلوبة للمنافسة في سوق العمل، مما أدى إلى فتح مزيد من الفرص للنساء في قطاعات كانت مغلقة أمامهن سابقاً.
ومن جانبه، أوضح رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية، بدر بن سليمان الرزيزاء، أن زيادة مشاركة المرأة السعودية في مجالي التجارة والاقتصاد عاماً بعد آخر، لا يعد فقط شهادة حية على نجاحاتها وتقدمها، بل يمثل أيضاً ركيزة أساسية في دعم الاقتصاد الوطني نحو تحقيق الاستدامة.
وأضاف أن غرفة الشرقية، من خلال مركزها المخصص لتمكين المرأة، تعمل وفق خطة استراتيجية تركز على إطلاق برامج ومبادرات مبتكرة تلبي احتياجات المرأة في ظل التطورات الاقتصادية الحالية.
وجاءت تصريحاته هذه ضمن التحضيرات الجارية لعقد منتدى المرأة الاقتصادي تحت شعار “تمكين القيادة الفاعلة”، الذي سينعقد برعاية أمير المنطقة الشرقية، سعود بن نايف بن عبد العزيز، في مقر الغرفة الرئيس، يومي 19-20 نوفمبر الجاري.