أزمة الغذاء العالمية : بين شح الموارد وتقاطع المصالح… من يدفع الثمن؟

صورة تعبيرية

هيثم جسار – عين اخبار الوطن

في زمنٍ تتسارع فيه الأزمات، تقف أزمة الغذاء العالمية على رأس قائمة التحديات التي تهدد الأمن الإنساني والاقتصادي للدول، سواء النامية أو حتى المتقدمة. فمع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، باتت مائدة الفقراء تُهدّد بالإفراغ، بينما ترزح الأسواق العالمية تحت ضغوط التضخم، وسلاسل الإمداد المنهكة، والتغيرات المناخية الكارثية.

التقارير الدولية تشير إلى أن أكثر من 735 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما ترتفع أسعار الحبوب والزيوت والسكر واللحوم في الأسواق العالمية بوتيرة تنذر بكارثة إنسانية، إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة وجماعية.

الأسباب… بين الطبيعة والسياسة
لا يمكن فصل أزمة الغذاء الحالية عن موجات التغير المناخي التي ألحقت أضراراً جسيمة بالمحاصيل الزراعية في دولٍ أساسية كالهند، البرازيل، وأوكرانيا. ولكن العامل السياسي كان له النصيب الأكبر في تفجير الأزمة، خاصةً مع استمرار الحروب والصراعات في مناطق حيوية لإنتاج الحبوب، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، التي أثرت بشكل مباشر على صادرات القمح والذرة إلى أفريقيا والشرق الأوسط.

إضافة إلى ذلك، فإن اضطرابات سلاسل التوريد بسبب الجائحة، ثم التوترات في البحر الأحمر، وارتفاع أسعار النقل والشحن، زادت من تكلفة الغذاء، لتُضاعف من معاناة الشعوب وتقلّص خيارات الدول المستوردة.

الولايات المتحدة… بين المسؤولية والدور القيادي
رغم الانتقادات التي تُوجه أحياناً للسياسات الزراعية الأميركية، فإن واشنطن لا تزال تلعب دوراً محورياً في التصدي لأزمة الغذاء العالمية. من خلال دعم برامج المساعدات الإنسانية، وتعزيز الإنتاج الزراعي داخلياً، إلى جانب تمويل مشاريع الأمن الغذائي في أفريقيا وآسيا.

وقد أعلنت الإدارة الأميركية في أكثر من مناسبة، عن حزم تمويل عاجلة لدعم الأمن الغذائي، كما طالبت المجتمع الدولي بالتحرك الجماعي لمعالجة جذور الأزمة، وليس فقط التعامل مع نتائجها.

الحلول… رهان على العدالة الغذائية
إن الحلول المطروحة تتطلب إعادة رسم سياسات الإنتاج والتوزيع عالمياً، والتقليل من احتكار الموارد الزراعية من قبل حفنة من الدول والشركات، مع ضرورة تعزيز التعاون الدولي لتأمين الغذاء للدول الأشد ضعفاً.

كما باتت الحاجة ملحّة لتوظيف التكنولوجيا الزراعية الحديثة، والاستثمار في الزراعة المستدامة، من أجل تحقيق نوع من التوازن في الإنتاج والاستهلاك، وإعادة الاعتبار لكرامة الإنسان في كل مكان.

أزمة الغذاء ليست عابرة، ولا يمكن حصرها في مؤشرات مالية أو تقارير أممية. إنها تمس حياة الإنسان اليومية، وكرامته وحقه في البقاء. وفي هذا المشهد القاتم، يبقى الدور الأميركي فاعلاً ومؤثراً، إذا ما تم استثماره ضمن شراكة حقيقية مع العالم، قائمة على العدالة، والمسؤولية، والمبادرة قبل فوات الأوان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى