مدرسة صلاح الدين الدولية بالإسكندرية: النموذج الرائد لصناعة أجيال المستقبل أحمد محارم

خاص – أحمد محارم – عين اخبار الوطن
في زمن تتسابق فيه الأمم على تطوير منظوماتها التعليمية، تبرز مبادرات جادة تستحق الإشادة والدعم، لكونها تؤمن بأن التعليم هو الاستثمار الحقيقي في المستقبل. ومن بين هذه المبادرات، تلمع مدرسة صلاح الدين الدولية في مدينة الإسكندرية كنموذج حي يجسّد رؤية طموحة، وأداءً متقناً، ورسالة تربوية شاملة.
لقد شهدت السنوات القليلة الماضية نهضة ملحوظة في الاهتمام بتطوير التعليم في مصر، من خلال الانفتاح على التجارب العالمية، وبناء شراكات فاعلة مع مؤسسات دولية متخصصة، ما يؤكد أن صناعة التعليم باتت محورًا استراتيجيًا في بناء الإنسان المصري.
كانت البداية من مدينة نيويورك، حيث التقيت بصديقي العزيز “مهتمت”، رئيس منظمة الكُتّاب والصحفيين، وهو من الشخصيات التي لها باع طويل في العمل الإعلامي والتنموي. وأثناء حديثنا، أبدى رغبته في تعريفي بمجموعة من أصدقائه المصريين والأتراك المنخرطين في مشروعات تعليمية نوعية داخل مصر، وهو ما فتح الباب لزيارة مميزة إلى مدرسة صلاح الدين.
رافقني في هذه الزيارة الكاتب والناشر المتخصص في أدب الطفل الأستاذ هشام المغربي، والدكتورة هايدي شرف، خبيرة التدريب والتنمية البشرية. وقد كان لقاؤنا مع فريق إدارة المدرسة، وعلى رأسهم الأستاذ محمود ثابت، مدير المدرسة، بالإضافة إلى الأساتذة مصطفى وبلال من الجانب التركي، فرصة ثمينة للاطلاع عن كثب على تجربة تعليمية ثرية ومُلهمة.
530 تلميذاً، 130 معلماً وإدارياً، ورسالة واحدة: بناء جيل واثق، مبدع، ومجتمعي الهوية
خلال جولتنا التي امتدت لأكثر من ساعتين، لمسنا عن قرب مدى التنظيم والانضباط والاحترافية التي تسير بها المدرسة، والتي تخدم أكثر من 530 تلميذًا في مراحل دراسية متعددة، ويقوم على تعليمهم ورعايتهم فريق مكوّن من 130 فردًا من معلمين وإداريين.
لكن ما يميّز هذه المدرسة بحق، ليس فقط مستواها الأكاديمي المتقدم، بل التزامها الراسخ بدورها المجتمعي، وحرصها على تشكيل شخصية التلميذ وصقل مهاراته وتنمية وجدانه، في إطار بيئة تعليمية آمنة ومحفّزة.
خلال الجولة، تفاعلنا مع التلاميذ، واطّلعنا على أنشطتهم اليومية، وتابعنا كيف يندمجون في العملية التعليمية بشغف واضح. لقد كان الإخلاص هو القاسم المشترك في كل تفصيلة، سواء في أداء المعلمين، أو تفاعل الطلاب، أو إدارة المدرسة، وكأن كل فرد في هذا الصرح يعمل بروح الرسالة لا بوظيفة الروتين.
إن مدرسة صلاح الدين لا تمثل مجرد مؤسسة تعليمية، بل هي حالة فكرية وتربوية متكاملة، تؤمن بأن الأمل لا يصنع إلا بالشجاعة، وأن بناء الإنسان لا يتم إلا بإخلاص وتخطيط واستثمار في القيم قبل المقررات.
وفي زمن نحتاج فيه إلى نماذج مضيئة تفتح نوافذ التفاؤل في جدار الواقع، تبدو مدرسة صلاح الدين بمثابة شعلة أمل حقيقية في مسيرة إصلاح التعليم، ومرآة لما يمكن أن يكون عليه المستقبل إذا توفرت النية، وصدقت العزيمة، وتلاقت الأيادي حول هدف واحد: بناء جيل قادر على قيادة الغد.
ختاما، مدرسة صلاح الدين ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل هي منصة لتشكيل جيل واثق ومبدع، قادر على قيادة المستقبل وصنع الفارق في مجتمعه. إنها نموذج حقيقي للتميز والإنجازات.