اليمن: ساحة صناعة الأزمات من قبل النظام الإيراني ومستقبل مرهون بإرادة الشعب

بقلم / مهدي رضا
1. دور النظام الإيراني في صناعة أزمة اليمن وبنية سلطة الحوثيين
خلال العقد الماضي، أصبحت اليمن إحدى أهم ساحات نفوذ وصناعة الأزمات للنظام الإيراني في المنطقة. فقد تحوّل الحوثيون، بدعم مباشر من فيلق القدس ونقل التكنولوجيا الصاروخية والطائرات المسيرة، إلى قوة عسكرية رئيسية ولاعب أساسي في معادلات اليمن. هذا الدعم، خاصة بعد اندلاع الحرب الأهلية وتدخل التحالف العربي، ازداد قوة وجعل الحوثيين قادرين على تنفيذ تهديدات عابرة للحدود ضد السعودية والإمارات وحتى السفن الدولية.
ورغم إنكار مسؤولي النظام الإيراني لأي دور مباشر، إلا أن الأدلة تشير إلى إرسال الأسلحة، وجود المستشارين، والتوجيه العملياتي المستمر للحوثيين. بعد أزمة غزة، أعلنت طهران بشكل أوضح دعمها لعمليات الحوثيين، واعتبر خامنئي الهجمات على السفن الغربية وضرب إسرائيل “حقاً مشروعاً لمحور المقاومة”.
في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، أدى قمع المعارضين، اعتقال النشطاء المدنيين، الفساد الواسع، والتوزيع غير العادل للموارد، إلى تعميق أزمة الشرعية لديهم. وللحفاظ على سلطتهم، يعتمد الحوثيون على أيديولوجيا ولاية الفقيه والارتباط بطهران، ويقمعون أي معارضة بشدة.
2. تصعيد الأزمة والتداعيات الإقليمية: من الهجمات الصاروخية إلى الضغوط الدولية
مع اندلاع حرب غزة، صعّد الحوثيون هجماتهم الصاروخية والطائرات المسيرة ضد إسرائيل والسفن الغربية. هذه العمليات، بالتزامن مع الدعاية الإعلامية الإيرانية، كانت محاولة لمنح الشرعية للحرب وجذب المقاتلين. لكن هذه السياسة جلبت كلفة باهظة على الشعب اليمني، إذ زادت من الضربات الجوية للتحالف ورفعت منسوب الضغوط الدولية.
أدت هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية إلى رد فعل قوي من أمريكا، بريطانيا وحلفائهما الإقليميين. العقوبات الجديدة، الضربات الجوية، وإعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، كلها زادت من الضغوط السياسية والاقتصادية على الحوثيين وراعيهم الأساسي، النظام الإيراني. في الوقت نفسه، أدى تراجع الدعم العملياتي من طهران بسبب الضغوط الداخلية والإقليمية إلى تقليص قدرة الحوثيين على المناورة.
آفاق المستقبل والحل الديمقراطي
مع تراجع محور النظام الإيراني في المنطقة (سقوط الأسد، ضعف حزب الله وحماس)، أصبح الحوثيون أيضاً في وضع هش. استمرار الضغوط الدولية، أزمة الشرعية الداخلية وتراجع دعم طهران، كلها تزيد من احتمالات انهيار أو تغير دور الحوثيين.
في هذا السياق، أكدت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية:
“تدخلات النظام الإيراني في اليمن لم تجلب سوى الدمار والفقر والحرب للشعب اليمني. الحل الحقيقي هو إنهاء تدخلات طهران وإقامة حكم ديمقراطي شعبي يمثل صوت اليمنيين الحقيقي.”
الخلاصة
اليمن اليوم ساحة مواجهة بين إرادة الشعب ومشروع صناعة الأزمات والهيمنة الذي يقوده النظام الإيراني. أظهرت التجربة أن بقاء البنية الوكيلة وتدخلات طهران يعني استمرار غياب السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة. الحل الوحيد هو إنهاء نفوذ النظام الإيراني بالكامل وتحقيق إرادة الشعب اليمني من أجل مستقبل حر وعادل وديمقراطي.