“الحوثي” تشعل نيران البحر الأحمر.. فهل تلتهم الاتفاق مع واشنطن؟

جماعة الحوثي تقول إن السفينة “ماجيك سيز” غرقت في البحر الأحمر عقب الهجوم

 

عين اخبار الوطن – الخليج أونلاين

بعد هدوء نسبي لم يدم طويلاً، عادت ألسنة اللهب لتطل من سطح البحر الأحمر، مؤذنةً بفصل جديد من الحرب البحرية التي باتت عنواناً لتشابك الصراع في اليمن مع الجغرافيا الدولية.

يوم الأحد (6 يوليو)، استأنفت جماعة الحوثي عملياتها ضد السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” في البحر الأحمر، وخلال يومين فقط أغرقت سفينتي شحن، في أعنف موجة توتر بحري منذ بداية الصراع.

تصعيد أثار مخاوف العالم وشركات الطاقة والملاحة من احتمال عودة المواجهات البحرية، التي كبّدت الملاحة الدولية خسائر كبيرة خلال العام 2024.

هذا التطور يأتي بعد أشهر من توقّف المواجهات البحرية، بموجب اتفاق أعلنه الرئيس الأمريكي في 5 مايو الماضي، ما يعيد فتح ملف التصعيد البحري الذي هيمن على المشهد منذ أواخر 2023.

إغراق سفينتين

بين 6-9 يوليو، أغرقت الجماعة اليمنية سفينتي شحن على مقربة من الحديدة في البحر الأحمر، كما أسفر الهجومان عن سقوط قتلى ومفقودين، لا يزال البحث عنهم جارياً حتى كتابة هذا التقرير.

ومساء الأربعاء 9 يوليو، أعلنت جماعة الحوثي إغراق السفينة “إترنيتي سي”، ونشرت مشاهد من إغراقها بعد إخلاء طاقمها وفقدان بعضهم، مؤكدة أن الهجوم يأتي بعد رفض طاقم السفينة الاستجابة لنداءات الجماعة.

من جانبها قالت السفارة الأمريكية لدى اليمن إن جماعة الحوثي لا تزال تختطف عدداً من أفراد طاقم السفينة “إترنيتي سي”، في حين نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر أمنية بحرية أنه جرى انتشال 3 آخرين من أفراد الطاقم وحارس أمن أحياء في البحر الأحمر الخميس (10 يوليو).

 

ولفتت إلى أن من جرى إنقاذهم بلغوا 10 أشخاص، بينهم 8 فلبينيين، وهندي، وحارس أمن يوناني، في حين لا يزال هناك 11 في عداد المفقودين، وسط أنباء عن استمرار الحوثيين في احتجاز 6 آخرين، وحديث المصادر عن وفاة 4 آخرين.

كما أعلنت جماعة الحوثي (7 يوليو) إغراق سفينة شحن تُدعى “ماجيك سيز” في البحر الأحمر، بعد مهاجمتها قبل يوم، ونشرت الجماعة مشاهد لاقتحام وتفجير السفينة وإغراقها.

وفي وقت سابق، قال المتحدث العسكري للحوثيين، يحيى سريع، إن الجماعة هاجمت “ماجيك سيز” بزورقين مسيّرين، وخمسة صواريخ باليستية ومجنّحة، وثلاث طائرات مسيّرة.

وأعلنت وزارة الخارجية الإماراتية، الثلاثاء (8 يوليو)، أن سفينة تابعة لمجموعة موانئ أبوظبي أنقذت طاقم السفينة “ماجيك سيز” الذين بلغ عددهم 22 فرداً، ونقلتهم إلى بر الأمان.

التهدئة على المحك

الهجومان على “إترنيتي سي” و”ماجيك سيز” هما أول هجومين من نوعهما منذ مطلع العام الجاري، وتزامنا مع ضربات إسرائيلية على ميناء الحُديدة، كما أنهما يأتيان بعد أكثر من شهرين على توقيع اتفاق التهدئة البحرية بين جماعة الحوثي والولايات المتحدة الأمريكية.

وكان الاتفاق الذي رعته عُمان وأطراف أوروبية قد أسفر عن تهدئة مؤقتة بين الحوثيين وواشنطن، وقلّص إلى حد بعيد من الهجمات البحرية، غير أن التطورات الميدانية الأخيرة، وعلى رأسها استمرار الحرب في غزة وتصاعد التوتر الإقليمي، قد تعيد حرب البحر الأحمر إلى ذروتها.

وتؤكد العمليات الجديدة التي يتبنّاها الحوثيون أن اتفاق التهدئة مع الولايات المتحدة الأمريكية على المحك، خصوصاً أن المبرر الأمريكي لتشكيل تحالف “حارس الازدهار”، في ديسمبر الماضي، كان حماية الملاحة الدولية من هجمات الجماعة اليمنية.

ويوم 9 يوليو، أدانت السفارة الأمريكية لدى اليمن الهجوم الحوثي الأخير، مشيرةً إلى أن الهجوم “يُعدّ الأحدث في سلسلة من الهجمات المتهورة التي استهدفت السفن التجارية والأطقم المدنية في البحر الأحمر، على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية”.

كما أعلنت الخارجية الأمريكية أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية الملاحة في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين، وقالت المتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، إن “هذه الهجمات تُظهر التهديد المستمر الذي يشكّله الحوثيون المدعومون من إيران على حرية الملاحة والأمن الاقتصادي والبحري الإقليمي”.

ومنذ نوفمبر من العام 2023، نفذت جماعة الحوثي مئات الهجمات البحرية، استهدفت سفناً تجارية مرتبطة بـ”إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ودول أوروبية أخرى.

وعلى مدى عام، شهدت جبهة البحر الأحمر نشاطاً عسكرياً كبيراً، على إثر تشكيل الولايات المتحدة الأمريكية تحالف “حارس الازدهار” في ديسمبر 2023.

ثم تلا ذلك تشكيل الاتحاد الأوروبي مهمة بحرية في البحر الأحمر تحت اسم “أسبيدس”، في فبراير من العام 2024، وفي يناير أطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا حملة عسكرية لاستهداف الحوثيين في اليمن، رداً على هجماتهم البحرية.

 

الهدف “إسرائيل”

ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي جلال العبادي أن الحوثيين أخذوا على عاتقهم مساندة غزة وأهلها من خلال الضغط ومنع الملاحة في البحر الأحمر للسفن التي تتجه إلى الموانئ الإسرائيلية في فلسطين المحتلة.

وأضاف، في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أن الهدف من الهجمات هو فقط السفن الإسرائيلية، وتلك المتجهة إلى الكيان الإسرائيلي، في إيلات وأسدود وحيفا وغيرها من الموانئ، مشيراً إلى أن “الحديث عن إغلاق الخط الملاحي أو تهديد الملاحة الدولية غير دقيق”.

وأوضح: “لا توجد أي إعاقة للسفن التي تعلن هويتها وتوضح أنها ليست على صلة بالكيان الإسرائيلي”، مضيفاً أن تلك الهجمات “لا تشمل السفن الأمريكية ولا سفن الحلفاء، ولا السفن التي لا تتجه إلى موانئ الكيان الإسرائيلي”.

وقال العبادي: “لا توجد أي ردة فعل أمريكية، وستقوم الولايات المتحدة بردة فعل إذا تعرضت قواتها أو سفنها سواء التجارية أو العسكرية. حتى السفن الإسرائيلية لا تهمها، حسب الاتفاق”.

https://youtu.be/06FFt0W2KoE?si=UxIQ-OCWrdgAyDSO

تحذيرات دولية

ومع عودة الهجمات، تزايدت المخاوف من تصعيد بحري كبير كبّد الملاحة الدولية خسائر طائلة خلال العام 2024، بينما ذهبت صحف أمريكية وغربية إلى الحديث عن احتمالية تصعيد خطير بسبب تلك الهجمات.

ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور علي الذهب أن هذا الاحتمال وارد، في حال استمرت الهجمات الحوثية أو تصاعدت بشكل كبير، من خلال إغراق المزيد من السفن، والإخلال بالأمن البحري.

وقال الذهب، في تدوينة على منصة “إكس”، إن اتفاق التهدئة البحرية الذي رعته عُمان كان مكسباً للجميع، لكنه قد ينهار إذا استمرت هجمات الحوثيين بهذه الوتيرة، أو بوتيرة أعلى، مرجّحاً في هذه الحالة عودة المواجهات البحرية.

وربط بين عودة الهجمات وخسارة الحوثيين مكاسب اتفاق ستوكهولم بخصوص الحديدة، وكذلك اتفاق التهدئة الخاص بمطار صنعاء، لافتاً إلى أن هذين الاتفاقين منحا الحوثي بعض المكاسب والوصول إلى عائدات ضخمة من المنشآت السيادية، لكن تدميرها جعل الجماعة في وضع صعب.

وأشار إلى أن الهجمات قد تهدف إلى إعادة صياغة وثيقة سلام يمنية تضمن تعويض الجماعة ما خسرته من مكاسب ستوكهولم والهدنة الإنسانية، بعد تعرض أصول الجماعة السيادية للتدمير، وخصوصاً مطار صنعاء وموانئ الحديدة.

واختتم حديثه بالقول: “إن كانت الهجمات استراتيجية ومرتبطة بحرب غزة والملفات الإيرانية المفتوحة وغيرها، فأتوقع أن تعود الحرب إلى البحر، وأن تكون هناك عملية جراحية لانتزاع الساحل الغربي من أيدي الحوثيين، حتى وإن تأخر الأمر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى