انطلاق المعرض التقني الهندسي الثاني بالجامعة التخصصية الحديثة: إبداع طلابي يرسم ملامح المستقبل

صنعاء- تقرير عبده بغيل || خاص عين اخبار الوطن
في مشهدٍ مهيبٍ يفيض بالعلم والإبداع، وتحت شعار “إبداع طلابنا… هندسة لمستقبل وطن”، انطلقت صباح اليوم، الإثنين 28 يوليو 2025 (3 صفر 1447هـ)، فعاليات المعرض التقني الهندسي الثاني بالجامعة التخصصية الحديثة. هذا الحدث البارز، الذي يُعدّ أحد أبرز المحطات العلمية والطلابية لهذا العام، احتضنته أروقة الجامعة في أجواءٍ مفعمةٍ بالحماس والطموح والتميز، ليُسجّل فصلاً جديدًا في مسيرة التعليم التقني في اليمن.
إشادات رسمية ودعم حكومي لركائز المستقبل
افتتح المعرض معالي نائب وزير التربية والتعليم والبحث العلمي، الدكتور حاتم الدعيس، في خطوة تعكس الدعم الحكومي المتواصل للتعليم التقني والتطبيقي، وحرص الوزارة على متابعة مخرجات المؤسسات التعليمية. خلال جولته في أجنحة المعرض، أبدى معاليه إعجابه العميق بالمستوى العلمي والمهاري الذي أظهره طلاب الجامعة، مشيدًا بقدرتهم الفائقة على ترجمة المفاهيم النظرية إلى مشاريع ملموسة تحاكي احتياجات السوق وتلامس آفاق المستقبل.
وفي تصريحٍ مؤثر، صرّح الدكتور الدعيس: “إن ما شاهدته اليوم من ابتكارات وجهود طلابية متميزة، يجعلنا نؤمن بأن شباب اليمن قادرٌ على تجاوز التحديات وصنع الفارق متى توفرت له البيئة المناسبة. هذا المعرض يمثل نقطة مضيئة في مسيرة التعليم العالي، ونحن في الوزارة نولي اهتمامًا خاصًا بمثل هذه المبادرات التي تحفز روح الإبداع والريادة لدى الطلبة.” واختتم حديثه بتقديم الشكر لقيادة الجامعة وطلابها على هذا العمل النوعي الذي يرتقي بالتعليم ويفتح آفاقًا جديدة.
شهد المعرض حضورًا لافتًا لرئيس الجامعة، الدكتور مجاهد الجبر، الذي رحّب بضيوف الجامعة من ممثلي الوزارة والهيئة العليا للابتكار. أكد الدكتور الجبر أن المعرض يأتي ضمن رؤية الجامعة الهادفة إلى تعزيز مبدأ “التعليم المنتج”، وتمكين الطلبة من ترجمة معارفهم إلى حلول ومشاريع تلبي احتياجات التنمية الوطنية وتسهم في بناء مجتمع معرفي قادر على المنافسة.
كما كان للأستاذ عبدالكريم الضحاك، مدير عام الأنشطة الطلابية في وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي، حضورٌ مميزٌ وإشادةٌ لاقت تفاعلاً كبيرًا. فقد أشاد الضحاك بالتنظيم المتميز والمشاريع الطلابية التي تنمّ عن وعي تقني وعلمي متقدم، مشيرًا إلى أن المعرض يعكس مدى حرص الجامعة على إعداد جيل من المهندسين والمبتكرين الذين يحملون مسؤولية الغد.
وشرف المعرض بحضور الدكتور شريف، مدير عام المبدعين والمبتكرين في الهيئة العامة للابتكار، وبرفقته المهندس بازل رمضان، مدير رعاية المبدعين في الهيئة. وقد عبّرا عن دهشتهما بالمستوى العالي الذي قدمه الطلاب، مؤكدين أن الهيئة لن تدخر جهدًا في دعم مثل هذه المشاريع وتحويلها إلى منتجات حقيقية. قال الدكتور شريف: “لقد لمسنا في هذا المعرض إرادة حقيقية للإبداع. الطلبة هنا لا يكررون ما يُدرّس لهم فقط، بل يصنعون حلولهم، ويقترحون طرقًا جديدة لفهم الواقع وتطويره.”
مشاريع رائدة: تقنية تلامس الحياة وتصنع الفارق
كانت المشاريع التقنية المعروضة عنوانًا بارزًا للمعرض، حيث تنوّعت بين المجالات الصناعية والطبية والرقمية، لتُظهر براعة الطلاب وقدرتهم على الابتكار:
مشروع “خط الإنتاج المؤقت لتعبئة السوائل”: قدمه طلبة قسم الميكاترونكس، ويُجسّد نموذجًا تطبيقيًا لمنظومة صناعية ذكية تستخدم الحساسات والمشغلات للتحكم الدقيق في عمليات التعبئة، مستندًا إلى خوارزميات برمجية عالية الكفاءة. لفت المشروع أنظار الزوار لما يعكسه من فهم عميق لمفاهيم الأتمتة الصناعية وتكاملها مع الذكاء الاصطناعي، ويحاكي أنظمة الإنتاج الحديثة المعتمدة في كبرى المصانع.
مشروع “كرسي الأسنان الذكي المطور”: من إبداع طلبة قسم هندسة المعدات الطبية، وقد أُعيد تصميمه ليعمل بنظام كهربائي متكامل بدلاً من النظام الهوائي التقليدي، مع إضافة شاشة رقمية ومتحكم إلكتروني من نوع ESP32. يهدف المشروع إلى تمكين التحكم الذكي في وضعيات الكرسي وسرعة استجابته لاحتياجات الطبيب والمريض على حد سواء، ويُعد خطوة واعدة في مسار تطوير المعدات الطبية محليًا.
“جهاز مساعدة المصابين بالشلل على المشي باستخدام الأردوينو”: ابتكار إنساني نابع من طلبة قسم هندسة المعدات الطبية، صُمم خصيصًا لدعم ذوي الإعاقة الحركية. يعتمد الجهاز على نظام تحكم ذكي باستخدام لوحة أردوينو لقراءة إشارات من مستشعرات الضغط والحركة، لتحفيز المحركات ومساعدة المصاب على أداء خطوات منتظمة وثابتة. يجسد المشروع مثالاً على توظيف التكنولوجيا في خدمة الإنسان، ويعكس إدراكًا عميقًا لدى الطلبة بأهمية دمج التقنية في المجال التأهيلي والصحي.
إلى جانب ذلك، ضم المعرض مشاريع متنوعة في مجالات الطاقة البديلة، والتحكم عن بعد، وتقنيات السلامة، مما أعطى للمعرض طابعًا شاملاً يجمع بين الجوانب التقنية والإنسانية في آنٍ واحد. وقد أثنى الحاضرون من أكاديميين وزوار ومهتمين على الجهود التي بذلها الطلاب في إعداد وتنفيذ مشاريعهم، وعلى حسهم العالي بالمسؤولية والابتكار.
ختامٌ مبهرٌ ورؤية لمستقبل مشرق
في ختام اليوم الأول للمعرض، أعرب رئيس الجامعة عن شكره العميق لجميع القائمين على تنظيم هذا الحدث بكل دقة، كما وجّه تحية خاصة للضيوف الرسميين من الوزارة والهيئة العليا للابتكار. قال رئيس الجامعة: “إن ما حققناه اليوم لم يكن ليتم لولا هذا التكاتف الكبير، وحرص الجميع على أن يرى الطالب ثمرة جهده وإبداعه. نحن في الجامعة مستمرون في دعم كل ما من شأنه رفع قدرات طلابنا، وتمكينهم ليكونوا بناة الغد وأدوات التغيير الحقيقي في هذا الوطن.”
حضر المعرض كوكبة من عمداء الكليات ورؤساء الأقسام والمهتمين من داخل وخارج الجامعة، مما يعكس الأهمية المتزايدة للابتكار التقني في مسيرة التنمية الوطنية.



