مأزق خامنئي بعد وقف إطلاق النار في غزّة وصوت نيويورك الذي يدوّي من أجل إيران حرة

صورة من الدمار الذي لحق بغزة AP

 

بقلم / مهدي رضا

إنّ قبول مبادرة وقف إطلاق النار في غزّة كشف مجدداً الوجه الحقيقي للنظام الإيراني ودوره التخريبي في إشعال الحروب وتصدير الأزمات في الشرق الأوسط. ففي حين رحّبت أغلب دول العالم بالمبادرة الأميركية لوقف فوري للحرب والإفراج عن الرهائن، كان الصوت الوحيد المعترض هو صوت أتباع خامنئي في طهران. فقد وصفت صحيفة “كيهان” التابعة له المبادرة بأنها «مخطط لإنقاذ إسرائيل»، في تعبير واضح عن خوف النظام من انتهاء الحرب التي أشعلها بنفسه ليخفي وراء دخانها أزماته الداخلية المتفاقمة.

على مدى السنوات الثلاث الماضية، استخدم خامنئي أدواته من الميليشيات والمرتزقة في غزّة ولبنان واليمن لإشعال حروب بالوكالة ونشر الفوضى الطائفية في المنطقة. ولم يكن هدفه الدفاع عن الشعب الفلسطيني، بل إنقاذ نظامه المتداعي من الغليان الشعبي داخل إيران. فالنظام الذي يعيش على حافة الانهيار الاقتصادي، ويواجه انفجاراً اجتماعياً في الداخل، لا يجد وسيلة لبقائه سوى تصدير الإرهاب وإدامة الحروب. ولهذا يرى خامنئي في أي خطوة نحو السلام تهديداً مباشراً لوجوده.

وفي مواجهة هذه الآلة الحربية، تقف مقاومة الشعب الإيراني كقوة منظّمة كشفت على مدى سنوات الجرائم والعدوانيات التي يرتكبها النظام، سواء داخل إيران أو في المنطقة. فقد قدّمت هذه المقاومة وثائق دامغة عن شبكات «فيلق القدس» ودوره في تهريب الأسلحة وتمويل الجماعات الإرهابية، الأمر الذي أسهم في رفع مستوى الوعي الدولي بخطر هذا النظام على السلم والأمن الإقليميين.

ومن هذا الوعي تولّدت موجة عالمية من التضامن مع الشعب الإيراني. ففي الأسابيع الأخيرة، تزامناً مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، شهدت نيويورك تظاهرات حاشدة شارك فيها آلاف من الإيرانيين الأحرار وأنصار المقاومة. رفع المتظاهرون شعاراً واضحاً: «لا للمماشاة، لا للقنبلة النووية، نعم لإيران حرّة». وأكّدوا أن المجتمع الدولي إذا أراد حقاً إنهاء دوّامة العنف في غزّة ولبنان واليمن، فعليه أن يعترف بحق الشعب الإيراني في إسقاط النظام وبناء بديل ديمقراطي علماني وغير نووي.

ولم تقتصر هذه التظاهرات على نيويورك، بل امتدّت إلى بروكسل وباريس وبرلين وستوكهولم ومدن أوروبية أخرى، حيث خرج المتظاهرون حاملين أعلام إيران التاريخية وشعارات تطالب بالحرية والعدالة. لقد عبّروا عن وجه إيران الحقيقي: شعبٌ يرفض الإرهاب والحروب ويطالب بدعم مقاومته التي تناضل ضد الاستبداد الديني.

اليوم، ومع قبول وقف إطلاق النار في غزّة، فقد خامنئي آخر أوراقه في المنطقة، ووجد نفسه محاصراً من الداخل والخارج. لم تعد دعايته قادرة على إخفاء حقيقة مأزقه، ولم يبقَ أمامه سوى مواجهة الغضب الشعبي المتصاعد في بلاده.

إنّ السلام الحقيقي في الشرق الأوسط لن يتحقّق عبر الصفقات مع الملالي، بل من خلال دعم انتفاضة الشعب الإيراني. ذلك أن أصوات المتظاهرين في نيويورك وبروكسل تردّد اليوم حقيقة واحدة: الطريق إلى السلام يمرّ عبر إسقاط النظام الإيراني وتجفيف منبع الإرهاب والحروب إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى