التقرير التحقيقي: عملية نفوذ إسرائيلية لإعادة النظام الملكي البهلوي صحيفة هآرتس – بقلم غور مِگيدو و عومر بن يعقوب – 3 أكتوبر 2025

//Gila Gamliel and Reza Pahlavi. On what basis is it assumed that he is the representative of the Iranian people? Credit: Design: Nadav Gazit. Photos: Joel Saget/AFP and Noam Revkin-Fenton

عين اخبار الوطن

في مطلع عام 2023، قام رضا بهلوي بأول زيارة رسمية له إلى إسرائيل. وهو نجل آخر شاه لإيران الذي أُطيح به في الثورة الإسلامية عام 1979، والتي أدت إلى قيام نظام آية الله.
هذه الزيارة التي وصفتها وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية آنذاك جيلا غامليل بـ«زيارة ولي عهد إيران»، حظيت بتغطية إعلامية واسعة داخل إسرائيل. وتكرّر في الإعلام الإسرائيلي الخطاب الرسمي ذاته: بأن هذه الزيارة تُثبت أنّ العداء ليس بين الشعبين الإيراني والإسرائيلي، بل بين النظامين فقط.
ورغم أن بهلوي يحظى ببعض الشعبية بين الجالية الإيرانية في الخارج، فإنّ من غير الواضح ما إذا كان الإيرانيون في الداخل يرونه زعيمًا مقبولًا. فهو ابن ديكتاتورٍ كان يحظى بدعم الولايات المتحدة وإسرائيل، ويحمل معه إرث حكمٍ ارتبط بالفساد والقمع والتعذيب، إلى جانب انفتاحه على الغرب.
لكن بخلاف والده، يروّج رضا بهلوي رسائل عن السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان. وعندما سُئل في مؤتمرٍ صحفي مع غامليل عن سبل تحرّر الإيرانيين من حكم رجال الدين، أجاب بالإنجليزية بطلاقة:
«من لخ فاوينسا في بولندا إلى نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا… معظم الحركات الناجحة بُنيت على المقاومة المدنية السلمية دون تدخل خارجي.»
ثم توقف لحظة وأضاف:
«لكن النقطة الأساسية أنّ أيًّا من هذه الحركات لم ينجح من دون نوعٍ من الدعم الدولي»، مبررًا بذلك زيارته إلى إسرائيل.
وعندما سُئل عن ردود الفعل على زيارته لإسرائيل، قال إنّها كانت إيجابية في معظمها، ودعا الصحفيين إلى مراجعة حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي:
«لا تأخذوا كلامي فقط، ابحثوا بأنفسكم في تويتر وإنستغرام… ستجدون الجواب أمامكم.»
🔹 حملة نفوذ رقمية لصالح بهلوي
ردّه هذا اكتسب معنى خاصًا في ضوء ما كشفته هآرتس وصحيفتها الاقتصادية ذي ماركر: إذ تبيّن أنّ حملة نفوذ رقمية واسعة باللغة الفارسية كانت تُدار من إسرائيل، بتمويل من جهةٍ خاصة مدعومة حكوميًا.
كانت الحملة تُروّج لصورة رضا بهلوي وتدعو إلى إعادة النظام الملكي، بالاعتماد على «أفاتارات» أو هوياتٍ مزيفة تدّعي أنّها إيرانيون حقيقيون. وقد اكتُشفت هذه الحسابات أولًا على يد باحثين في وسائل التواصل داخل إسرائيل وخارجها.
ووفقًا لمصادر تحدّثت إلى «هآرتس» و«ذي ماركر»، فقد أطلقت إسرائيل – بعد حرب غزة وزيارة بهلوي – عمليةً رقمية ضمن حملة أوسع للتأثير في الخطاب على الشبكات الاجتماعية، شملت أيضًا حملاتٍ باللغة الإنجليزية والألمانية.
وأكدت خمسة مصادر مطلعة أنّ ناطقين أصليين بالفارسية تم توظيفهم للعمل ضمن المشروع، وأنّ الشبكة كانت تنشر محتوى يدعم بهلوي، وبعضه يروّج أيضًا للوزيرة غامليل من حزب الليكود المقرب من نتنياهو.
كانت العملية تُدار بالأموال العامة بشكلٍ غير مباشر لخدمة المصالح الجيوسياسية الإسرائيلية. وقال بعض المشاركين إنهم شعروا بعدم الارتياح بسبب استغلال الحملة أيضًا لأغراضٍ سياسية داخلية.
🔹 تنسيق مع «سيتزن لاب» وتقرير «فرار من السجن»
أجزاء من هذه الشبكة كانت قد كُشف عنها سابقًا في هآرتس، لكنها عادت للواجهة عندما بدأ مختبر Citizen Lab التابع لجامعة تورونتو – وهو مركز أبحاث في الأمن السيبراني وحقوق الإنسان – بتحقيقٍ مستقل.
اكتشف المختبر عملية تأثيرٍ أخرى باللغة الفارسية، مدعومة من إسرائيل، أطلق عليها اسم PRISONBREAK (فرار من السجن)، والتي استخدمت عشرات الحسابات المزيفة التي نشرت محتوى صُنع بالذكاء الاصطناعي.
وخلص «سيتزن لاب» إلى أنّ العملية نُفذت «على الأرجح من قبل جهة حكومية إسرائيلية أو متعاقدٍ يعمل تحت إشرافها»، مستندين إلى دلائل على تزامن المحتوى الرقمي مع الضربات العسكرية الإسرائيلية على إيران، ولا سيما الهجوم على سجن إيفين في طهران.
🔹 «يوم ملكي واحد»
رضا بهلوي درس الطيران العسكري في الولايات المتحدة قبل الثورة، وغادر مع أسرته طهران عام 1979. وبعد وفاة والده في القاهرة، نصّبه أنصار الملكية وريثًا للعرش.
منذ أكثر من أربعة عقود، ينتقد نظام الجمهورية الإسلامية من الخارج. وبحسب تقارير، فقد بدأت إسرائيل تتواصل معه في إطار محاولات تغيير النظام، وكانت غامليل المسؤولة عن هذا الاتصال وسهلت لقاءه مع نتنياهو.
لكن راز زيمت، الباحث في «معهد دراسات الأمن القومي» في تل أبيب، يحذر من أن دعم إسرائيل العلني لبهلوي قد يكون خطأً استراتيجيًا، لأنّه يُثبت رواية خامنئي بأن إسرائيل وأمريكا تسعيان لإعادة الشاه ونظامٍ تابعٍ له.
🔹 الشبكة المروّجة لوسم #KingRezaPahlavi
رغم أن بهلوي يقول إنه لا يطمح إلى منصب سياسي، فقد شهدت السنوات الأخيرة حملة على مواقع التواصل تروّج لعودته إلى العرش.
أحد الباحثين حدّد مئات المستخدمين المشبوهين في منصة X يروّجون له ويستخدمون الوسم #KingRezaPahlavi، كثيرٌ منهم مرتبط أيضًا بترويج حساباتٍ تدعم الوزيرة غامليل.
أشهر منشورٍ في هذه الشبكة كان فيديو مصنوع بالذكاء الاصطناعي بعنوان «العام القادم في طهران الحرة»، يُظهر نتنياهو وزوجته وغامليل وزوجها، إلى جانب رضا بهلوي وزوجته، وهم يتجولون في شوارع طهران!
حقق الفيديو مشاهداتٍ ضخمة، أغلبها يُعتقد أنّها غير حقيقية ومنظمة، وساعد الباحثين على تحديد شبكة أوسع من الحسابات تُروّج لرسائل مؤيدة لإسرائيل و«تغيير النظام في إيران».
🔹 التلاعب بالاحتجاجات والهجوم على سجن إيفين
في يونيو 2025، أثناء الحرب الإسرائيلية الإيرانية، شنّت إسرائيل هجومًا على سجن إيفين. في الدقيقة 11:52 صباحًا – أي قبل أن تعلن وسائل الإعلام الإيرانية عن الحدث – بدأت الحسابات المزيفة بنشر خبر «الانفجارات قرب السجن» مع مقاطع فيديو مفبركة.
لاحقًا، انتشر فيديو آخر يظهر انفجارًا مزعومًا عند بوابة السجن، واتضح أنه مزيف بالكامل ومصنوع بالذكاء الاصطناعي، ورغم ذلك تناقلته وسائل إعلام عالمية قبل اكتشاف زيفه.
ثم دعت الحسابات الناس إلى «الذهاب إلى السجن وتحرير السجناء»، في محاولة واضحة لإثارة الفوضى.
وبعدها، شجعتهم على ترديد شعار «الموت لخامنئي» الساعة الثامنة مساءً، من شرفات المنازل، وهو شعارٌ مستلهم من احتجاجات حقيقية.
كل هذه الخطوات، بحسب «سيتزن لاب»، كانت محاولة منظمة لزعزعة استقرار النظام الإيراني.
🔹 خلاصة التقرير
خلص الباحث ألبرتو فيتّاريلّي من سيتزن لاب إلى أنّ:
«الأنظمة الاستبدادية معروفة باستخدامها لهذه الأساليب، لكن على الحكومات الديمقراطية أن تمتنع عن تبني الأدوات ذاتها. إنّ إسناد مسؤولية هذه العمليات يتطلب مؤشرات تقنية نادرًا ما تكون متاحة للعامة.»
وأشارت مصادر مطلعة إلى أنّ بعض الحسابات المزيفة التي كشفها سيتزن لاب تقاطعت مع حملة إسرائيلية أخرى مؤيدة لرضا بهلوي، حيث استخدمت الوسم ذاته #KingRezaPahlavi ونشرت صوره وخطاباته، داعيةً إلى إعادة الملكية البهلوية.

www.haaretz.com/israel-news/security-aviation/2025-10-03/ty-article-magazine/.premium/the-israeli-influence-operation-in-iran-pushing-to-reinstate-the-shah-monarchy/00000199-9f12-df33-a5dd-9f770d7a0000

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى