التحول الرقمي في اليمن.. تحديات المرحلة و”فرصة تاريخية” لإعادة بناء الدولة

حوار – خاص – عبده بغيل – عين احبار الوطن
الجمعة 24-10-2025
في ظل التطور التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم، يبقى واقع التحول الرقمي في اليمن محل تساؤل. لمعرفة المزيد حول هذا الواقع والتحديات والحلول، التقى موقعنا عبدالعزيز شماخ، أحد المهتمين والمتابعين لهذا الملف، والذي أكد أن التحول الرقمي في اليمن مازال في بداية الطريق لكنه يمثل “فرصة تاريخية” لإعادة بناء مؤسسات الدولة.
البداية الصعبة للتحول الرقمي:
عند تقييمه لواقع التحول الرقمي في اليمن اليوم، أوضح شماخ أن العالم يشهد تحولاً رقمياً كبيراً في جميع القطاعات، بينما “مازال هذا التحول في اليمن في بداية الطريق”. وأشار إلى أنه، وخصوصاً في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، فإن التحول الرقمي “مازال في مراحله الأولى ويواجه الكثير من التحديات والصعوبات التي حدت بشكل كبير من تقدمه”، بالإضافة إلى “عدم وجود استراتيجية ورؤية واضحة وصريحة من قبل الحكومة لصناعة هذا التحول”. وبيّن أن هناك بعض الجهات الحكومية التي تقدم خدمات محدودة عبر الإنترنت، ولكن بشكل محدود.
تحديات مركبة تعيق التقدم:
وفيما يتعلق بأبرز التحديات التي تواجه الحكومة اليمنية في تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي، أكد شماخ أن الكثير من الجهات الحكومية ما تزال تعتمد على الأنظمة التقليدية الورقية، مما يجعل عملية الأرشفة وتبادل البيانات “بطيئة وغير دقيقة”.
وأضاف أن التحديات كبيرة ومتعددة، ومن أبرزها:
ضعف البنية التحتية الرقمية وشبكات الإنترنت والطاقة الكهربائية.
غياب الاستراتيجيات الموحدة للتحول الرقمي التي تشمل جميع الوزارات والهيئات.
نقص الكوادر المؤهلة ومحدودية التمويل والدعم لمشاريع الرقمنة.
الانقسام الإداري والسياسي، الذي جعل عملية التحول “غير مستقرة وبطيئة”.
المخاوف الأمنية المتعلقة بحماية البيانات والأنظمة الإلكترونية من الهجمات السيبرانية.
القطاع الخاص شريك أساسي:
وحول الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في دعم التحول الرقمي، شدد شماخ على أن القطاع الخاص “يمكن أن يكون شريكاً أساسياً في صناعة التحول الرقمي في اليمن”. وذلك من خلال الاستثمار في الحلول الرقمية وإنشاء شراكات مع الحكومة لتحقيق هذا التحول، بما فيها:
بناء المنصات الإلكترونية للخدمات الحكومية.
توفير خدمات الدفع الإلكتروني والتحقق والتوثيق الرقمي للبيانات.
كما أشار إلى أهمية دور المؤسسات التعليمية والتدريبية في “المساهمة في تأهيل وتدريب الكوادر الحكومية في المجالات التقنية والرقمية” لتحقيق التنمية المستدامة.
حلول عملية لتسريع التحول:
لتحقيق قفزة نوعية، قدم الخبير شماخ مجموعة من الحلول العملية، مشيراً إلى أن نجاحها يعتمد على التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وتتمثل هذه الحلول في:
إعداد استراتيجية ورؤية وطنية واضحة: تبدأ بتهيئة البنية التحتية التقنية وتوحيد الأنظمة الإدارية.
إنشاء هيئة وطنية للتحول الرقمي وحماية البيانات والابتكار.
إنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة وتعزيز البنية التحتية للاتصالات. مع إمكانية الاعتماد على التقنيات منخفضة التكلفة مثل الشبكات اللاسلكية أو الأقمار الاصطناعية.
تطوير وتدريب الكوادر اليمنية الحكومية في مجال التقنيات الرقمية عبر برامج تدريب وشراكات.
تحفيز الاستثمار في مجال التكنولوجيا والحلول الرقمية.
تبني نظام وهوية رقمية موحدة لتسهيل الوصول إلى جميع الخدمات الإلكترونية الحكومية.
“من رحم المعاناة يولد الأمل”:
وفي نظرة مستقبلية، أكد عبدالعزيز شماخ أن التحول الرقمي في اليمن يمثل “فرصة تاريخية لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس حديثة وشفافة”، وسيقلل من الفوارق بين المناطق ويعزز الشمول الرقمي والاجتماعي.
مستشهداً بعبارة “من رحم المعاناة يولد الأمل والنجاح”، أشار إلى تجارب دول عانت ونجحت مثل اليابان. واختتم حديثه بالقول: “التحول الرقمي في عصرنا لم يعد خياراً بل أصبح ضرورة. ومع وعي الحكومة والمجتمع بأهميته، أتوقع أن تشهد اليمن، إذا كانت هناك رغبة حقيقية، قفزة نوعية في عدة مجالات مثل الخدمات الحكومية، التعليم، الاقتصاد، والصحة الرقمية”.
ودعا شماخ إلى الاستفادة من التجارب العربية الناجحة، مع تكييفها بما يتناسب مع واقع اليمن واحتياجاته الخاصة، مؤكداً استعدادهم للعمل مع الحكومة أو القطاع الخاص لإحداث نقلة نوعية في هذا المجال.



