التاريخ رقم ينام في الكتب

 

بقلم زنه / زعفران علي المهنا

سطر بارد، وسنة تمر، وتوقيع على هامش الزمن.
أما حب الوطن، فهو وجع دافئ، وجمر لا يخبو، ونبض لا يحتاج إلى تاريخ ليثبت وجوده.
التاريخ يقول: هنا بدأت الحكاية…
لكنه لا يعرف كيف تبدأ الدموع حين يذكر اسم الوطن، ولا يشعر برجفة القلب حين نراه يتعب ونصبح عاجزين عن احتضانه.
التاريخ يكتب الارقام أما حب الوطن…فيكتب الأم التي تخبز بالصبر،والأب الذي يشيب في سبيل كسرة خبز كريمة،والطفل الذي يحمل حلما أكبر من عمره،والمرأة التي تخفي دمعتها حتى لا يقال إن الوطن أبكاها.
التاريخ يحصي الضحايا بالأرقام،
لكنه لا يسمع صراخ الأرواح، ولا يصغي لأنين الجدران، ولا يدون رسائل الشهداء التي لم تصل.
التاريخ يسأل: متى بدأ كل شيء؟
أما حب الوطن فيهمس: لم يبدأ… ولم ينته… هو كان… وهو كائن… وهو باق فينا ما بقينا.
نحب الوطن رغم تعبه، رغم جراحه، رغم انكساراته،
نحبه لأنه يشبهنا… لأننا منه… ولأننا حين تضيق الأرض بنا، لا نجد صدرا أوسع من ترابه.
حب الوطن لا يقاس بالأيام ولا بالسنوات…هو يقاس بعدد المرات التي خانتنا الظروف ولم نخنه،
بعدد الخيبات التي ابتلعناها كي لا نخذله،وبعدد الدعوات الصامتة التي نرفعها له كل ليلة.
قد يغيرون الخرائط، وقد يمحون الأسماء،
لكنهم لا يستطيعون انتزاع الوطن حين يتحول إلى قلب،ولا يستطيعون إطفاءه حين يصبح صلاة في صدورنا.
التاريخ رقم…
أما الوطن… فدم يسري في العروق…وصوت يسكن الروح…
وحب، حين نحاول الهروب منه،
نجد أنه يسكن فينا أكثر.
وهكذا يبقى الفرق واضحا:
التاريخ يكتب بالحبر…
أما الوطن… فيكتب بالوفاء والدموع والذاكرة والوجع الجميل الذي لا نريد له شفاء ما عاش داخلنا حب أوطاننا

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى