العدالة الدولية آتية حتمآ … وأول الغيث تصنيف الإرهابيين في #اليمن بقرار أمريكي (جماعتا الحوثيين والإخوان المسلمين ارهابيتين).

 

 

🖌️بقلم المستشار / محمد علي علاو

محامي دولي متخصص في مكافحة جرائم الارهاب وانصاف الضحايا في اليمن . نيويورك

⸻ ⸻ ⸻

عشية الذكرى السنوية الثامنة لاغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ورفيقه عارف الزوكا في صنعاء في 4 ديسمبر 2017 على يد جماعة الحوثيين الارهابية التابعة لايران، يعود الحديث بقوة عن إرث العنف والارهاب الذي صنعتْه الجماعات الاسلاموية المتطرفة في اليمن وغيرها ، وعن ثمن الدم والخراب الذي دفعه بلدٌ كاليمن كان يسعى إلى الانتقال السياسي السلمي ، فانتهى أسيرًا لجماعتين إرهابيتين متقاطعتين: الحوثية والإخوانية .

فقبل أيام فقط، أقرت لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي مشروع قرار يصنف جماعة الإخوان المسلمين بكافة فروعها كمنظومة إرهابية، وتضمن النصّ ذكر دول محددة، من بينها اليمن، تمهيدًا لدفعه للتصويت في مجلس النواب وإجازته بصورة نهائية. يأتي ذلك في سياق تحوّل أمريكي رسمي أوسع بدأ العام الماضي بإعادة تصنيف ميليشيات الحوثيين كمنظمة إرهابية، ثم تعزيزه بأوامر تنفيذية جديدة تُغلق الباب أمام محاولات تلميع صورة الجماعة أو منحها شرعية سياسية بعد عقود من انقلابها على الدولة اليمنية بقوة السلاح وممارستها لابشع جرائم الارهاب المحلية والدولية دون محاسبة .

وبهذه الخطوات المتزامنة، تكتمل الصورة: جماعتان إرهابيتان لعبتا الدور الأبرز في تدمير الدولة اليمنية وضياع مستقبل الشعب اليمني خلال العقدين الأخيرين ، إحداهما تقتل تحت شعار “الامامة” والأخرى تقتل تحت شعار “الخلافة ”، (وكلتاهما فروع لتنظيمات ودول ارهابية اجنبية )ارتكبتا الجرائم الأرهابية ذاتها: الاغتيال، الاختطاف، تفجير دور العبادة، الانقلاب على مؤسسات الدولة والحكم بقوة السلاح ، وإقصاء المخالفين وتقويض كل بارقة سلام، وإن اختلفت الشعارات والأعلام .

ومن الصعب الحديث عن إرث العنف والتطرف والارهاب دون التوقف أمام لحظة مفصلية قلبت مسار اليمن إلى الأبد: الجريمة الإرهابية التي نفذتها جماعة الاخوان المسلمين في اليمن واستهدفت مسجد دار الرئاسة يوم 3 يونيو 2011. يومها، وفي أثناء صلاة الجمعة، حيث تم استهداف المسجد الرئاسي اليمني ، فأصابت الرئيس صالح وكبار قيادات الدولة، وقتلت وجرحت العشرات، وفتحت بوابة إلى فوضى سياسية وأمنية لم تُغلق حتى اليوم. أدان مجلس الأمن الدولي هذا الهجوم الارهابي في قراره 2014 لعام 2011، ولكنه لم يوقف النزيف وتداعياته الكارثية على اليمن حتى اليوم .

لم تكن تلك الجريمة الأرهابية مجرد صفارة البداية، بل كانت إعلانًا عن صعود مشروعين عقائديين مسلحين، اشتركا سابقا في تنظيم ساحات هدفت لاسقاط النظام اليمني ونكبة اليمنيين ، ولاحقًا اشتركت الجماعتين ذاتهما في التلاعب بالتحقيقات المحلية ، وتهريب المتهمين والتبادل بينهما، بل وإقفال الملف من تحت الطاولة، قبل أن يلتقيا مجددًا في تنفيذ الهدف بعد سنوات في صنعاء في لحظةٍ دموية أخرى: جريمة اغتيال الزعيم صالح وعارف الزوكا في 4 ديسمبر 2017، على يد ميليشيات الحوثيين، بعد وقت قصير من إعلانه فضّ التحالف السياسي معهم .

جاء اغتيال الزعيم صالح ليُثبت أن الصراع لم يكن صراعًا سياسيًا على السلطة فحسب، بل كانت معركة بين الدولة وبين منظمات ارهابية دينية مسلحة تتغذّى على فكر الارهاب والإقصاء والكراهية باسم الدين ، وتعتبر الدم أداة للتغيير السياسي .

واليوم، في الذكرى السنوية الثامنة لتلك الجريمة الارهابية ، تتبلور في واشنطن رؤية جديدة تعترف بأن ما حدث في اليمن ليس “حربًا أهلية” بقدر ما هو حرب اشتركت فيهما جماعتان إرهابيتان ضد الدولة والمجتمع اليمني . فإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، ثم التحرك لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين وفروعها، بما فيها حزب الإصلاح في اليمن، يعد خطوة غير مسبوقة تعني أن واشنطن لم تعد تفرّق بين التطرف الشيعي المسلح والتطرف السني المسلح عندما يتورطان في ممارسة العنف والارهاب ذاته.

فالاثنان – الحوثيون والإخوان/الإصلاح – تورطا في مسار واحد يشتركا في :
• انقلاب مسلح على الدولة اليمنية ومؤسساتها.
• قمع الخصوم، ازدراء التعددية، وتجييش المجتمع على أسس دينية.
• تفجير مسجد دار الرئاسة وإفلات المتورطين الارهابيين فيها .
• اغتيال السياسيين والمعارضين.
• تهريب المتهمين الارهابيين عبر صفقات غير معلنة.
• إطالة الحرب وتعطيل مسارات السلام.
• صناعة مأساة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بالأكبر عالمياً.

وما كان يحدث من الجماعتان على الأرض في اليمن أصبح اليوم وصفًا قانونيًا محسوما لدى صانع القرار الأميركي: هذا إرهاب، لا صراع سياسي.

ومن زاوية ضحايا جرائم الارهاب في اليمن واهاليهم ، فحتى وان جاءت هذه الخطوات متأخرة، لكنها جاءت وكما يقول المثل “ان تاتي متاخرا خيرا من ان لاتاتي” . وقرار تصنيف الجماعتين إرهابيتين يمنح أسر الشهداء، وجرحى مسجد دار الرئاسة، وجريمة اغتيال الزعيم صالح والزوكا والمختطفين، والمغيبين قسريًا، سندًا جديدًا لرفع صوتهم، ويُعيد الاعتبار لحقيقة ظلّت تُدفن تحت الضجيج: أن اليمنيين كانوا ضحايا منظومات ارهابية مسلحة وداعميها الدوليين لا ضحايا خلاف سياسي عابر .

في اليمن، طوال اكثر من عقد ونصف من الزمن ، دفع المواطنين اليمنيين ثمنًا هائلًا . في مدن تهدمت، في أرواح أُزهقت، وفي نسيج مجتمعي تمزق. فأن تُسمّي الجريمة باسمها ليس ترفًا، بل بداية طريق تحقيق العدالة دوليا بعد ان اغتيلت محليا .

ولا يعني التصنيف الأمريكي للجماعتين بأن الحرب في اليمن ستتوقف غدًا، ولا أن ملف اليمن سيُطوى بين ليلة وضحاها. ولكنه سيغيّر قواعد اللعبة وبشكل كبير . فالمفاوضات لن تكون بعد اليوم مكافأة لمليشيا ارهابية أو حزب مسلح ، بل بحثًا عن شريك سياسي مدني حقيقي قادر على استعادة الدولة من جديد وبناء اليمن الديمقراطي . ويعني ايضا ان دعم جماعات الإرهاب لن يمر عبر قنوات سياسية أو إعلامية ناعمة كما كان يحدث سابقا .

إنها بداية لحظة إنصاف تاريخية فارقة، تأتي في ذكرى اغتيال قائدين خالدين كانا جزءًا أساسيًا من معادلة سياسية جارية في اليمن ستصنع السلام لو لم يغتالهما الرصاص الارهابي . وتذكرهم اليوم ليس تباكيًا على ماضٍ ضائع، بل هو اعتراف بأن طريق السلام الشامل والعادل يبدأ بالصدق والوطنية : لا سلام مع من يقتل الدولة ورجالاتها .

وفي هذه الذكرى، نختتم مقالتنا هذه بكلمات مختزلة ولكنها واضحة:
اليمن لا يحتاج إلى مزيد من الرصاص والصواريخ، بل إلى استعادة الدولة وهيبة القانون والنظام الديمقراطي . والتاريخ، الذي سجل يوم 4 ديسمبر 2017 وقبله في 3 يونيو 2011 في سجلات الدم والارهاب ، لن يضيع هدرا ، بل انه يفتح اليوم نافذة جديدة نحو العدالة باجماع دولي ، بعدما وصف المجتمع الدولي الفاعلين بأسمائهم: منظمات إرهابية مطلوبة للعدالة .

وهذا التصنيف في حد ذاته يمثل بداية الطريق لإنصاف كل ضحايا جرائم الارهاب الاخواني الحوثي في اليمن، وفرصة للجميع من بقية القوى السياسية المدنية للعمل المشترك بصدق من اجل تجفيف كل منابع التطرف و العنف والارهاب التي شوهت مستقبل أمة يمنية بأكملها.
والقادم اجمل ان شاء الله ،، ومن سار على الدرب وصل … والعدالة الدولية اتية حتما !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى