هل تنعكس التوترات في البحر الأحمر على الأمن الغذائي الخليجي؟

 

عين اخبار الوطن- الخليج اونلاين

حالة من القلق على الأمن الغذائي تعيشها دول مجلس التعاون الخليجي في أعقاب توترات البحر الأحمر، التي باتت تؤثر تأثيراً ملحوظاً على حركة الشحن، في ظل اعتمادٍ خليجي على التجارة العالمية في توفير الغذاء.

ورغم أن الدول الخليجية لم تواجه نقصاً في الغذاء بعد، فإن الظروف الراهنة ترفع درجات الحذر، باعتبار أنها تستورد حوالي 90% من الغذاء، إذ إن حدوث اضطراب في سلاسل التوريد العالمية يترك الدول المستوردة للغذاء عرضة للأزمات.

التكوين الجغرافي للمنطقة
وتتسم منطقة الخليج بندرة الموارد المائية الطبيعية؛ لكونها منطقة صحراوية لا تحتوي على أنهار عذبة، مع انخفاض معدل الهطولات المطرية وارتفاع معدلات التبخر نظراً لارتفاع درجات الحرارة.

وبناءً على ذلك فإن دول مجلس التعاون تعاني ضعفاً في الإنتاج الزراعي بسبب قلة الأراضي الصالحة للزراعة وضعف جودة التربة بسبب الظروف المناخية والتكوين الجغرافي للمنطقة.

ومما يساهم في ارتفاع حاجة الدول إلى الغذاء هو تنامي عدد السكان، الذي يؤثر بكل تأكيد على معدلات الاستهلاك.

نجاحات سابقة واستعداد للقادم
ودفعت أزمة ارتفاع أسعار الغذاء العالمية ما بين 2007 – 2008، دول مجلس التعاون الخليجي إلى وضع ملف الأمن الغذائي على رأس أجنداتها، والحاجة إلى زيادة الإنتاج المحلي لتخفيض الاعتماد على الغذاء المستورد.

ونجحت الاستراتيجيات الخيلجية المتبعة في مواجهة تحدي الأمن الغذائي الذي فرضته جائحة “كورونا”، ما بين 2020 و2021، والتي تسببت بتعطيل سلاسل الإمداد، حيث أكدت دول مجلس التعاون توفر السلع الغذائية والاعتماد على المخزونات الهائلة.

كما لجأت دول الخليج إلى إجراءات عديدة خلال الجائحة لتعزيز الأمن الغذائي، من خلال تأمين مخزون استراتيجي من الأغذية والتوجه نحو مراكمة المخزونات الغذائية، إلى جانب تبني حزم دعم اقتصادية لقطاع الزراعة.

نجاح الدول الخليجية في الحفاظ على الأمن الغذائي خلال فترة “كورونا” ألقى على عاتقها مسؤوليات أكبر للاستعداد لأي ظرف طارئ، وذلك لكون المنطقة تعد من مناطق الصراع الساخنة.

إذ تضم عدداً من المضايق البحرية الدولية التي تعتبر شرياناً لأغلب سفن الشحن الدولية كـ “مضيق هرمز” و”باب المندب”، باعتبار أن أي اضطراب سيؤثر على المنافذ البحرية وحركة سفن الشحن من وإلى دول المجلس، ما سينعكس سلباً على الواردات الغذائية وهو ما نعيشه حالياً نتيجة التوترات في البحر الأحمر.

تأثير تراجع حركة الملاحة
وأثرت عمليات استهداف جماعة الحوثي اليمنية للسفن في البحر الأحمر، بحجة التضامن مع غزة خلال الحرب الجارية منذ أكتوبر الماضي، على حركة الشحن، حيث اضطرت العديد من الدول إلى تغيير مسار سفنها، لا سيما في أعقاب الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية على اليمن منذ 12 يناير الحالي.

ففي أعقاب الضربات الجوية، حذّرت القوات البحرية المشتركة بقيادة الولايات المتحدة، المتمركزة في البحرين، جميع السفن بضرورة تجنب مضيق باب المندب، لتحول عدد من ناقلات النفط في هذه المنطقة مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح الأطول، أو أنها توقفت في خليج عدن، أو شمال البحر الأحمر.

وبلغ عدد السفن التي غيرت مسارها عقب التحذيرات حوالي 15 سفينة، كما أن معظم سفن الحاويات كانت تتجنب البحر الأحمر قبل الضربات مع عدم تغير حركة ناقلات النفط إلى حد بعيد الشهر الماضي، حيث إن تغيير المسار يعني اتخاذ الطريق الأطول حول ممر رأس الرجاء الصالح، ما يزيد مدة الإبحار حوالي 3 أسابيع.

 

كما تراجعت حركة الملاحة في قناة السويس بنسبة 41%، إذ وبحسب وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية فقد تراجع متوسط عدد السفن إلى 49 يومياً، منذ يوم الأحد 14 يناير الجاري، مقارنة بالذروة اليومية في العام 2023، البالغة 83 حالة عبور، وهي الأدنى منذ أزمة جنوح سفينة “إيفرغرين” خلال مارس 2021.

وأظهرت البيانات أيضاً ارتفاعاً مماثلاً في عدد السفن التي تمر عبر ممر رأس الرجاء الصالح قرب الطرف الجنوبي لأفريقيا.

ونتيجة هذه التطورات عمدت بعض الدول الخليجية إلى وقف تصدير سلع معينة أو تقنين تصديرها للخارج، وهو ما فعلته دولة الكويت مؤخراً؛ إذ حظرت تصدير الأغنام الحية والبيض الطازج؛ بهدف استدامة توافرها في السوق المحلية.

من جانبه يعتقد المحلل الاقتصادي نمر أبو كف أن “التوترات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر ستخلق تحديات جديدة أمام الدول الخليجية”.

وأضاف أبو كف، في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أن “المجريات الحالية أثرت بشكل سلبي على عملية التصدير من الدول الخليجية إلى العالم، ومن المؤكد أنها سترفع تكلفة المواد الغذائية، لكون معظم تجارة الخليج مع أوروبا تمر عبر البحر الأحمر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى