نعترض بالعلن و نشاهد بالخفاء
✍️ بسمة العواملة
ها قد اقترب شهر رمضان ، و لسان حالنا يقول باي حال عدت يا عيد ، يأتيرمضان هذا العام و في القلب غصة عما يحدث لاهلنا في غزة ، نحن شبهعاجزين عن وقف هذا الجنون عن وقف كل ما يحدث في هذه البقعة المعزولةعن العالم الذي كان يسمى بالانساني و المتحضر
ماذا عسانا أن نقول و قد فقدت الكلمات مضمونها و لم نعد قادرين علىاستيعاب ما يحدث ، ما زلت ادعوا الله و اناجيه في غسق الليل علها تكونساعة استجابة ، يا رب ارحم الشعوب من نار الحروب ، و اقول في نفسي وماذا بعد ، هل غدت حياتنا اشبه بمن يشاهد استعراض مسرحي طويل الىدرجة الألم ، و الله لقد كانت الشعوب العربية تتعاطف مع ضيوف برنامج رامزجلال اكثر من تعاطفها عما يحدث من قتل و تشريد و إبادة ، رغم علمنا يقيناًبأن كل ما يجري هو من قبيل الفن الإستعراضي الممزوج بقليل من الإثارة والحماس ، لضمان تكملة المشاهد الى النهاية
و لكن الغريب في الأمر أننا في بداية برنامج رامز جلال كانت كثير منالاصوات تعلو مطالبة بوقف البرنامج كونه يمجد العنف و يشجع على امتهانكرامة الضيوف و التنكيل بهم و تعذيبهم بشتى الوسائل ، ثم يتبع هذهالمطالبات ردود بين موافقة و رفض و في النهاية يتم عرض البرنامج بعد أنيكون قد احتصل على تسويق و دعاية مجانية ، و المفاجأة الاكبر حين يتبينلاحقاً بأن البرنامج حظي بنسبة مشاهدة عالية جداً تخطت كل التوقعات ، مماكان يشكل صدمة لجمهور المعارضين ، لا بل و استمر الامر على هذا الحاللسنوات عدة ،
الكثير من الجماهير العربية تعترض على البرنامج في العلن و هؤلاء انفسهمالمعترضين نكتشف لاحقاً بأنهم متابعين لحلقاته بل و ينتظرون عرضها بفارغالصبر .
هذه المقاربة الغريبة يمكن اسقاطها عما يحدث في غزة تماماً ، فالشعوب بدأتتصرخ مطالبة بوقف الحرب في بدايتها ، ثم بدأت تعتاد و تألف المشهد و تتابعهبانتباه و تركيز، ثم تحولت الى متابعة لمجريات الامور و المشاهد بشكل اقرببمن يشاهد عرض مسرحي لشكسبير في المسرحية التي كتبها في النصفالاخير من حياته و كان مضمونها أن الأمور بخواتمها
و تقول كل شيء بخير وسينتهي بشكل جيد All’s Well That Ends Well
هذه المسرحية الساخرة لشكسبير ، كثيراً ما تعتبر من مسرحياته التي أثارتجدلاً ، وذلك كون مثل هذه المسرحيات لم يُستطع تصنيفها مأساوية أم ساخرة،و هذا هو حالنا مع ما يحدث
نشاهد مأساة انسانية واقعية تحدث امام اعيننا كل يوم بمنظار السخرية منالعدو و من خساراته المادية في المال و العتاد و التي لا تُقارن مع عشراتالالاف من الارواح البريئة التي ازهقت ، و مئات العائلات التي شردت ، و مثلهامن البيوت التي هدمت ، وما زال ينتظرهم الاقسى و الاصعب و الاشد ضراوة
و نحن مازلنا على حالنا نشاهد على امل ان ينتهي المشهد كما نهايات حلقاترامز بالمشاهد السمجة.
او ينتهي كما برنامج الصدمة يبدأ بايهام الحاضرين بموقف انساني و عندمايتدخل الاخرين لايقاف دموية المشهد يظهرون لهم بأنه كان مشهداً تمثيلياًلقياس درجة تعاطف و انسانية من كان حاضراً ، ثم يفاجأون من ابدى انسانيةتجاه ما رآه من اساءة و تجريح بأن المشهد لم يكن سوى مشهداً تمثيلياً ،فيظهر المقدم السمج و المخرج الاكثر سماجة وهم يتضاحكون على من اظهرانسانية و نخوة او شهامة لانقاذ انسان تعرض لموقف مؤلم او تجريح متعمد
وبعد كل هذا الكم الذي اغرقتنا به الدراما العربية من هكذا برامج
اجدني اطرح سؤالاً قد يبو ساذجاً ايعقل أن تكون كل هذه البرامج هي تمهيدلما سيكون عليه حالنا
وكل هذه المبالغ الخيالية التي صرفت على برامج تهدف الى نزع بذره التعاطفتجاه المواقف الإنسانية و برمجة العقل على انها مشاهد تمثيلية و غير حقيقية
ام انها تهدف الى قياس درجه التغير لدى المواطن البسيط من انسان شهمأصيل يدافع عن المظلوم الى انسان لا يبالي بمن حوله ؟!
كثير من التساولات تثور في نفسي و انا اشاهد ما وصل اليه حالنا
و لسان حالي يقول
لكم الله يا اهل غزة
فنحن لا نكاد نقوى على استيعاب كل ما حدث و يحدث و سيحدث•••