فن استعمال القوة ناتنياهو— خامنئي— الحوثي— الإنفصاليون

✍️عبدالقادر الجنيد

***

موضوع اليوم، مؤلم لي شخصيا ويحتاج مني الكثير من البرود أو التبارد.

شاءت أقداري أن أكون مع الجانب الضعيف الذي قد وصل إلى درجة الضحية:
مع القضية الفلسطينية.
.. مع الشرعية اليمنية.
.. مع الوحدة اليمنية.
والجانب الآخر يمارس كل فنون استعمال القوة بحرب أو بالتهديد بحرب أكبر أو حتى بدون حرب لدفن فلسطين وللتخلص من شرعية ووحدة اليمن.

استعمال كلمة “فن” أو “فنون” مع استعمال القوة لا يعني المدح ولا الذم ولكنها كلمة لوصف مجموع افتعال الأحداث والقتل واستعمال آليات القوة حتى يصل البغاة لأهدافهم.

**
أولا: فنون ناتنياهو
**

١- كسر الروح الفلسطينية إلى الأبد.
قد قتل ناتنياهو خلال هذه الشهور ٤٠,٠٠٠ فلسطينيا وهناك ١٠٠,٠٠٠ جريح ومبتور للأطراف.
ناتنياهو، يطالب الآن حتى بالتحكم بمناهج دراسة أطفال الفلسطينيين لينسوا الحق والعدل والحرية والكرامة.
ويطالب بالتحكم بإغاثة الفلسطينيين “أونروا” ليربط جوع وشبع الفلسطينيين بمدى الخضوع والخنوع.

ناتنياهو، على يقين أن هذه فرصة كبرى لكسر نهائي لفلسطين.

٢- لطمة ناتنياهو لحزب الله
*
اسرائيل، لا تستطيع تحمل تهديد حزب الله للجليل الأعلى في الشمال وتفريغه من سكان المستوطنات.
وترى أن تأييد شعب لبنان لحزب الله شبه معدوم.
وترى أن أمريكا تساندها بقوة.
وترى أن هذه فرصة لا تعوض في ممارسة فنون استعمال القوة.

وطبقا لكل هذا، لطم ناتنياهو حزب الله لطمة مهينة داخل معقله في الضاحية الجنوبية في بيروت بقتل قائد الكبير “شكر”.
إذا لم يرد حزب الله على اللطمة، فهذه إهانة وسيتلوها المزيد من الإهانات.
وإذا انتقم حزب الله، فهذا هو المطلوب للقضاء على حزب الله.

ويبدو حتى الآن بأن ناتنياهو قد نجح بتوجيه اللطمة بدون رد.

٣- لطمة ناتنياهو لإيران
*
اسرائيل، ترى أنها قد لطمت العرب على مدى خمسة عقود وقد دوختهم حتى أصبحوا بلا أثر وبلا حول ولا قوة بالتصدي لها.
ثم ظهرت لها إيران تتحداها.
اسرائيل، لم تعد تقبل بتنامي قوة إيران.
وترى أن إيران تعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة وأن هناك معارضة كبيرة لنظام الحكم في أوساط الشعب الإيراني.

وترى أن هذه فرصة لا تعوض في ممارسة فنون استعمال القوة.

وترى أن أمريكا تساندها بقوة.

وطبقا لكل هذا، لطم ناتنياهو إيران لطمة مهينة داخل دار الضيافة في طهران بقتل ضيفها الكبير الزعيم الفلسطيني “هنية”.
إذا لم ترد إيران على اللطمة، فهذه إهانة وسيتلوها المزيد من الإهانات.
وإذا انتقمت إيران، فهذا هو المطلوب لإصابة النظام الإيراني بالشلل بعد أن ضمن ناتنياهو أن أمريكا ستساعدها في التصدي للانتقام وكذلك بضرب القواعد العسكرية والمصانع والمواني والمنشآت النفطية داخل أعماق إيران.

ويبدو حتى الآن بأن ناتنياهو قد نجح بتوجيه اللطمة بدون رد.

صحيح أن ناتنياهو، قد نجح ضد الفلسطينيين وضد حزب الله وضد إيران باستعمال القوة وبتسخير قوة أمريكا ولكن هناك شعور متنامي بالكراهية لإسرائيل ولدور أمريكا في قهر وظلم الفلسطينيين في كل أنحاء العالم — حتى داخل أمريكا وأوروبا—، وسنرى إن كان سيكون لهذا أي أثر.

**
ثانيا: فنون خامنئي
**

إيران، هي الدولة الوحيدة التي تعادي وتهدد اسرائيل.

جمهورية إيران الإسلامية، ترى أن أمريكا وبريطانيا (وحتى روسيا) هم أعداء تاريخيون من تجاربهم معهم في الحكومة الدستورية في العشرينات وحكومة مصدق في الخمسينات من القرن الماضي وكانوا يتوجسون بأنهم سيعودون كما فعلوا من قبل ليفتعلوا الإضطرابات والحروب داخل إيران لإنهاء جمهوريتهم.

قررت إيران أن تكون ساحة حروبها مع أعدائها خارج حدودها وداخل البلاد العربية بتجنيد الأقليات الموالية لها، وتحت راية تحرير “الغالية” فلسطين وقد انتهى هذا التدخل بنجاح إيراني كبير لنقل معاركها إلى خارج حدودها وبتدمير أربعة دول عربية وتجويع وتشريد شعوبها.

هذا أيضا مثال على فنون استعمال القوة من قبل إيران.

صحيح أن إيران لها دور في إحياء الوعي بمأساة فلسطين، ولكنه انتهى بقتل عشرات ألوف من الفلسطينيين وتدمير وتمزيق نسيج اجتماعي في لبنان والعراق وسوريا واليمن بالإضافة إلى حصار وقمع وتشريد أكثر من مائة مليون عربي من سكان هذه البلاد.

**
ثالثا: فنون الحوثي
**

الذي يمارس فنون القوة بإسم الحوثي، هم مجلس الجهاد في صعدة،
ورئيس مجلس الجهاد هو عبدالملك الحوثي،
ونائب رئيس الجهاد هو جنرال إيراني من الحرس الثوري،
ونائب الجنرال الإيراني هو خبير عسكري من حزب الله؛
وأعضاء مجلس الجهاد يديرون مشرفين ومخابرات وأمن وقائي ولجان شعبية وغسل مخ ودعاية وتغيير هوية وجيش وأمن وجمع المال.

فنون استعمال القوة الحوثية، هي مجموع فنون الحوثي وفنون جنرالات إيران وفنون خبراء شيعة لبنان.

أدت فنون قوة خامنئي ضد السعودية إلى سلسلة انكسارات على رأسها إنهاء حصار الحوثي وصلح سعودي إيراني في الصين، وخارطة طريق بين السعودية والحوثي.
ثم تبعها استعمال فريد لفنون استعمال القوة من الحوثي عندما ضرب— بمساعدة إيران أو بدون— ميناء الضبة في حضرموت وهكذا أصاب الشرعية بالشلل بحرمانها من عائدات تصدير الطاقة.

**
رابعا: فنون الإنفصاليين
**

هدف ناتنياهو، هو القضاء على الفلسطينيين والتجارة مع العرب.
هدف خامنئي، هو نقل الحروب للخارج والتوسع ضد العرب.
هدف الحوثي، هو حكم اليمن شخصيا وتوريث الحكم لأسرته وإعلاء السلالية والمناطقية الشمالية تحت هيمنة صعدة.

هدف الإنفصاليين، فصل جنوب اليمن عن شماله بحسب التسمية التي يعتقدون أنها رائعة وهي: “فك الإرتباط”

ويقول الإنفصاليون أنهم ليسوا يمنيين وأن الجنوب ليس من اليمن،
… وأن اليمن لا علاقة لها بالجنوب لا من بعيد ولا من قريب.

وبصورة ضمنية، يعتبر أي انفصالي إنما هو ضد “الشرعية” وضد “الوحدة”.

فنون استعمال القوة عند الانفصاليين، هي بالارتكاز على ميليشيات مسلحة، تجهزها وتصرف عليها دولة أجنبية، وكلها تستعمل فقط لمصالح شخصية ولكسر هيبة الشرعية في عاصمة الشرعية: عدن.

لكن ثلاثة من رؤوس الانفصال هم أصلا قادة لميليشيات أنشأتها وتمولها دولة الإمارات، ويمكن أن تتفركش بسحب التمويل.

لكن رؤوس الانفصال قد أقسموا على الولاء للدستور (ما عدا واحد منهم)، والدستور يعني “الشرعية” و “الوحدة” اليمنية.
لكن رؤوس الإنفصال، هم أعضاء في مجلس رئاسة قيادي يمني “الشرعي” وتحت رئيس يصنف ب “الشرعي”.

لكن رؤوس الانفصال يقولون بأنهم سينخرون عظام “الشرعية” مثل السوس من داخلها.

لكن الإنفصال سيواجه الحوثي وحده إذا نجح الإنفصاليون بالفتك ب “الشرعية”.

لكن رؤوس الانفصال سيبدؤون الفتك ببعضهم البعض إذا ما نجحوا بالفتك ب “الوحدة”.

لكن الانفصال سيجعل الجنوب لقمة سائغة للإمارات إذا انفردت به بدون “دولة” و “وحدة”.

لكن استقرار الجنوب لن يتم إلا باستقرار الشمال تحت ظل مساواة وقانون ودستور وجيش واحد.

فنون الانفصاليين تضر بهم شخصيا الجنوب واليمن وحتى بالانفصال لأن الحوثي بانتظارهم ليذلهم كلهم إذا ما نفرد بهم.

ختاما
*
هذه أيام بائسة بالنسبة لنا.
نتعرض فيها لفنون استعمال القوة من قبل ناتنياهو وخامنئي والحوثي والانفصاليين.

موضوع هذه المقالة هو لكشف العدو.
… ولشحذ الهمم لابتكار فنون استعمال قوة مضادة.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى