وزير الخارجية لافروف: ينتقد الغطرسة والعدوانية الغربية ضد روسيا تلغي فكرة التعاون وتعيق عمل نظام الحكم العالمي بأكمله
نيويورك – عين اخبار لوطن – ألأمم المتحدة
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن المستوى غير المسبوق من “الغطرسة والعدوانية” لدى السياسيين الغربيين ضد روسيا لا يلغي فكرة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن التعاون العالمي فحسب، بل إنه يعيق بشكل متزايد “عمل نظام الحكم العالمي بأكمله، بما في ذلك مجلس الأمن”.
وفي كلمته أمام الجمعية العامة اليوم السبت، قال السيد لافروف إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش كان يهدف إلى إعادة تشغيل التعاون العالمي من خلال قمة المستقبل، في حين “داس” الغرب على جميع القيم الثابتة للعولمة “وأطلق حرب عقوبات حقيقية ضد نصف دول العالم، إن لم يكن الأغلبية”، فيما تحول الدولار بشكل صارخ “إلى سلاح”. وقال إن ميثاق المستقبل تم إعداده دون “جولة واحدة من المفاوضات العامة” لتشارك فيها جميع البلدان، بدلا من ذلك تم تنفيذه تحت سيطرة “المتلاعبين الغربيين”. وقال إنه نتيجة لهذا، انضمت المعاهدة “حتى قبل أن تولد، إلى مجموعة المعاهدات التي تبدو لطيفة باللغة الإنجليزية”.
وقال: “لم يفت الأوان بعد لإضفاء الحياة مجددا على الأمم المتحدة، ولكن للقيام بذلك، لا يمكننا عقد قمم ومعاهدات غير واقعية. بل يجب أن يتم ذلك من خلال إعادة بناء الثقة على أساس مبدأ المساواة السيادية لجميع الدول الأعضاء”.
“قتل الفلسطينيين بأسلحة أمريكية يجب أن يتوقف”
وقال وزير الخارجية الروسي إنه في حين لا يمكن أن يكون هناك مبرر لأعمال الإرهاب التي تعرضت لها إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، فإن كل من “لا يزال لديه شعور بالشفقة” غاضب لأن المأساة تُستخدم “للعقاب الجماعي للفلسطينيين على شكل كارثة إنسانية غير مسبوقة”.
وقال: “يجب وقف قتل المدنيين الفلسطينيين بالأسلحة الأمريكية على الفور. ومن المهم ضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وإعادة بناء البنية التحتية، والأهم من ذلك، يجب ضمان تحقيق الحقوق المشروعة للفلسطينيين في تقرير المصير، والسماح لهم، ليس بالقول بل بالأفعال، بإنشاء دولة متصلة وقابلة للحياة داخل حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
ووصف السيد لافروف الاستخدام “اللاإنساني” للتكنولوجيا المدنية في هجوم على لبنان بأنه مثال صارخ آخر على “الأساليب الإرهابية كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية”، ودعا إلى إجراء تحقيق فوري في هذه الجريمة. وقال إن الولايات المتحدة تنكر تورطها أو على الأقل علمهما بذلك “الهجوم الإرهابي”، كما فعلت في العديد من الحالات الأخرى، بما في ذلك الهجوم على خط أنابيب الغاز نورد ستريم.
بين حديقة مزهرة وغابة
وقال إن الأمانة العامة للأمم المتحدة لا يمكنها أن تظل “منفصلة” عن الجهود الرامية إلى إثبات الحقيقة في المواقف التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن العالمي، ويجب أن تتصرف بحياد “وتتجنب إغراء اللعب بأيدي الدول الفردية، وخاصة تلك التي تدعو بنشاط ليس إلى التعاون، ولكن إلى تقسيم العالم بين حديقة مزدهرة وغابة، أو إلى أولئك الذين يجلسون حول طاولة الديمقراطية وأولئك الذين هم على القائمة”.
كما أعرب وزير الخارجية الروسي عن قلق بلاده “بشأن الممارسة الشائعة الآن للقتل السياسي كما حدث مجددا بالأمس في بيروت”، والأحداث غير المقبولة في اليمن وحوض البحر الأحمر وخليج عدن والسودان وغيرها من النقاط الساخنة في أفريقيا.
تهديد أمن روسيا
وقال السيد لافروف إن حلف شمال الأطلسي (الناتو) لم يتوسع في أوروبا فحسب، بل إنه يحاول الآن ترسيخ جذوره في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، مما يخلق “تهديدات مباشرة لأمن” بلاده، والآن “يزحف ببنيته التحتية” أيضا إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ “لاحتواء أو ردع الصين وروسيا”. وقال إن “الاستراتيجيين الأنجلوساكسونيين” لا يخفون أفكارهم، ويأملون في هزيمة روسيا باستخدام “نظام كييف النازي الجديد غير الشرعي” ويجهزون أوروبا “لإلقاء نفسها في هذه المغامرة الانتحارية”.
وأكد أن الداعمين الغربيين لكييف يستشهدون “بلا خجل” بميثاق الأمم المتحدة مطالبين بضمان سلامة أراضي أوكرانيا، في حين يتجاهلون إعلان الميثاق في المادة الأولى عن الالتزام باحترام مبادئ “المساواة وتقرير المصير للشعوب”.
وقال إن الحكومة الأوكرانية لا تمثل السكان الروس في شبه جزيرة القرم ودونباس ونوفوروسيا، واتخذت “إجراءات عنصرية” ضدهم. وأضاف أن حقوق الروس وأولئك الذين يشعرون بأنهم جزء من الثقافة الروسية “بعد الانقلاب في كييف تم إبادتها بشكل منهجي”، بما في ذلك من خلال حظر استخدام اللغة الروسية بموجب القانون في جميع المجالات.
وقال: “إن هذه انتهاكات صارخة لحقوق الروس المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وهي تحمل معها تهديدات لأمن روسيا وكل أوروبا تنبع من نظام كييف وأولئك الذين يجرونها إلى حلف شمال الأطلسي. وهذه هي الأسباب الجذرية للأزمة الأوكرانية الحالية. إن معالجة هذه الأسباب هو هدف العملية العسكرية الخاصة التي تنفذها روسيا للدفاع عن أمنها وحاضر ومستقبل الناس على أراضيهم الأصلية”.
المساواة بين الدول
وقال السيد لافروف إنه من الواضح للأغلبية العالمية أن المواجهة والهيمنة لن تحلا أي مشكلة عالمية، بل إنهما “ستعملان فقط على إعاقة العملية الموضوعية لتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب يقوم على الحقوق المتساوية للدول الكبيرة والصغيرة”.
وقال إن معالجة أكثر المشاكل تعقيدا التي تواجه البشرية جمعاء هي شيء لا يمكن القيام به إلا بالعمل المشترك، “مع مراعاة مصالح بعضنا البعض”، ويجب على الغرب أن يدرك ذلك و”يمتنع عن أفكاره الاستعمارية الجديدة”.