لحظة انهيار قوات خامنئي في سوريا –

✍️ أحسان أمين الرعايا
العاصفة التي اجتاحت سوريا خلال أحد عشر يومًا، من 27 نوفمبر حتى 7 ديسمبر، ووضعت نظام خامنئي في موقف حرج، أثارت سؤالاً مهمًا: ما هو العامل الأهم في الانهيار السريع لنظام بشار الأسد؟ هذا السؤال ينبع من نقاش أعمق حول طبيعة وقدرة النظام الحاكم في إيران. لماذا لم يتمكن النظام الإيراني، على الرغم من امتلاكه جيشًا قوامه 100 ألف جندي ومئات القواعد العسكرية في سوريا، من الحفاظ على أهم حليف له في المنطقة في لحظة مصيرية من تاريخه في هذه البلاد؟
ادعاء خامنئي حول التدخل الأجنبي
في أول خطاب له بعد سقوط بشار الأسد، أعزى خامنئي هزيمته إلى تدخل القوى الأجنبية، قائلاً إن “الطائرات الصهيونية والأمريكية” منعت طائراته من إيصال “الإمدادات، القوات، والموارد” إلى منطقة “الزینبیة”. لكن هذا الادعاء يبدو كحجة ضعيفة، حيث يبرر خامنئي الهزيمة عبر تحميلها على تدخل الخصوم بدلاً من الاعتراف بأوجه القصور في قواته وإدارته.
ثنائية سقوط نظام الأسد
سقوط نظام الأسد يحمل دلالة مزدوجة: فمن ناحية، كشف عن أزمة وجودية يعاني منها نظام ولاية الفقيه، ومن ناحية أخرى، يعد جزءًا من سلسلة انهيارات تمهّد لانتهاء هذا النظام.
التطورات السريعة في ديسمبر، وردود الفعل المرتبكة من خامنئي وقوات الحرس الثوري، تلخص واقع هذا النظام وأوجه ضعفه العميقة.
ليس مجرد خسارة عسكرية
الأمر لا يقتصر على خسارة عسكرية، رغم أن معظم البنية التحتية العسكرية للنظام الإيراني في المنطقة قد دُمرت بشكل لا يمكن تعويضه. القضية الرئيسية هي انهيار إحدى الركائز التي اعتمد عليها النظام للبقاء في السلطة. كان النظام الإيراني يرى وجوده في سوريا أمرًا حيويًا لاستمراره، وقد انتهت هذه الورقة الآن.
الهزيمة في دمشق: أكبر خسارة استراتيجية
فيما يتعلق بالحرب في غزة، التي كان خامنئي أحد أطرافها الأساسية، أكد مسعود رجوي، زعيم المقاومة الإيرانية، أن “أكبر خاسر استراتيجي في هذه الحرب هو خامنئي”. ووصلت هذه الخسارة إلى ذروتها الاستراتيجية في دمشق في 7 ديسمبر.
الوقائع السورية تقدم دليلاً ملموسًا على هشاشة قوة الحرس الثوري. وقد خضعت القوة العسكرية للنظام الإيراني لاختبار حقيقي في معركة مصيرية، لكنها انهارت.
اللحظة الحاسمة للانهيار: حلب
لحظة انهيار قوات النظام الإيراني، خاصة في منطقة حلب، توضح الضعف الأساسي للنظام. فالرئيس الروسي، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، أكد أن “350 مقاتلًا معارضًا واجهوا 30 ألف جندي موالٍ للنظام الإيراني، والنتيجة كانت انسحابًا دون مقاومة”.
وفقاً لتقارير إعلامية، فإن القادة الإيرانيين كانوا يعلمون بخطة الهجوم منذ شهور، ورغم ذلك فشلوا في الاستعداد لها، مما يُظهر ضعف النظام وعدم كفاءته.
الخسائر البشرية والمادية للنظام
تقارير المقاومة الإيرانية تشير إلى أن القوات الإيرانية خسرت حوالي 6,000 عنصر، بمن فيهم قادة كبار، خلال الحرب السورية. إضافة إلى ذلك، أنفق النظام عشرات المليارات من الدولارات لدعم الأسد، تشمل تكاليف بناء قواعد عسكرية، تدريب القوات، وتوفير الأسلحة.
النظام الإيراني كان يسعى إلى تغيير ديموغرافي في سوريا عبر تهجير السكان وإحلال عناصر موالية له في مناطق استراتيجية، وهو مشروع استمر لعقود قبل أن ينتهي بالفشل.
النتيجة: انهيار استراتيجي شامل
الأحداث الأخيرة في سوريا تمثل لحظة “سايغون” بالنسبة للنظام الإيراني، في إشارة إلى انسحاب القوات الأمريكية من فيتنام. النظام الذي كان يسعى للسيطرة الإقليمية، وجد نفسه اليوم مجبراً على الانسحاب في مشهد فوضوي.
الرئيس الروسي اختتم حديثه قائلاً: “إذا كان الإيرانيون في الماضي يطلبون منا مساعدتهم في إرسال قوات إلى سوريا، فإنهم الآن يطلبون مساعدتنا لإخراجهم منها. لقد أعدنا 4,000 مقاتل إيراني إلى طهران”.
هل كان الهدف مجرد دعم حليف؟
بعد سقوط الأسد، حاول خامنئي التخفيف من أهمية الهزيمة، مدعيًا أن وجود قواته في سوريا كان لمواجهة “داعش” فقط، وأنه لم يكن هناك نية لبقاء طويل الأمد. لكن الأدلة تشير إلى أن النظام الإيراني كان يعتبر سوريا قاعدة استراتيجية للبقاء والهيمنة الإقليمية.
النظام الإيراني أنفق ما لا يقل عن 50 مليار دولار لدعم الأسد، ناهيك عن تكاليف عسكرية ضخمة تشمل إنشاء قواعد ومخازن أسلحة ومنشآت لوجستية.
خاتمة
ما حدث في سوريا ليس مجرد هزيمة عسكرية أو خسارة حليف، بل يعكس انهيارًا أعمق للنظام الإيراني الذي يواجه أزمات وجودية في الداخل والخارج. اللحظة السورية قد تكون بداية النهاية لنظام ولاية الفقيه.