منتدى الاستثمار السعودي في دمشق.. رسالة سياسية بأن سوريا تتعافى

عملت السعودية على دعم سوريا الجديدة
عين اخبار الوطن – الخليج أونلاين
خطوة تحمل رسائل سياسية عميقة أعلنت السعودية تنظيم “منتدى الاستثمار السوري السعودي 2025” في دمشق، لتؤكد أن سوريا لم تعد ساحة حرب، بل ساحة فرص.
عقد المنتدى جاء بتوجيه مباشر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهو ما يعكس إصرار المملكة على دعم الاستقرار عبر أدوات التنمية والانفتاح الاقتصادي، وإيصال رسالة للداخل والخارج مفادها أن “سوريا آمنة والسعودية تدعمها”.
كما شهدت العلاقات بين البلدين تحولات إيجابية متسارعة منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر الماضي، حيث ترعى المملكة جهود تعافي سوريا من آثار الحرب التي دامت 14 عاماً.
مسار استراتيجي
ويُعد المنتدى أول نشاط استثماري سعودي بهذا الحجم يعقد داخل سوريا منذ أكثر من 14 عاماً، ويعكس مؤشرات على عودة تدريجية لرأس المال الخليجي إلى السوق السورية.
كما يتوقع أن يشكل المنتدى الاستثماري بداية لمسار طويل من التعاون الاقتصادي، في إطار مشروع أوسع لتفعيل التكامل عبر التنمية والاستثمار بين البلدين.
وبحسب وزارة الاستثمار السعودية (الثلاثاء22 يوليو)، سيشهد المنتدى مشاركة رفيعة من ممثلي القطاعين العام والخاص من كلا البلدين، بهدف استكشاف فرص التعاون وتوقيع اتفاقيات تعزز التنمية المستدامة.
كما أوضحت أن “هذا المنتدى يسهم في تعزيز أواصر العلاقات الثنائية، واستمراراً للجهود السعودية لدعم سوريا بما يسهم في استقرارها في مرحلتها الحالية لتعافي اقتصادها وتعزيز مصالح شعبها”.
في خطوة تعكس حرص القيادة على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا🇸🇦🇸🇾
وزارة الاستثمار تنظّم منتدى الاستثمار السوري السعودي 2025 في دمشق، بمشاركة واسعة من القطاعين العام والخاص.
المنتدى يهدف إلى استكشاف فرص التعاون وتوقيع اتفاقيات تعزز التنمية المستدامة وتخدم مصالح الشعبين الشقيقين. pic.twitter.com/Lj7iG0R3BB— وزارة الاستثمار (@MISA) July 22, 2025
كما ذكرت أنه سيتم التنسيق مع اتحاد الغرف لترتيب زيارة عمل إلى سوريا بمشاركة وفد كبير من القطاع العام وشركات القطاع الخاص، مشيرة إلى أنها ستعمل بالتعاون مع الجهات المعنية للبلدين على تسهيل خطوات استكشاف الفرص الاستثمارية وتذليل العقبات.
الوزارة أوضحت أيضاً أن ذلك يأتي مع تفعيل دور القطاع الخاص السعودي وتمكينه، ومن ضمن ذلك حصر الشركات الراغبة في الاستثمار في سوريا، وتنظيم عدد من ورش العمل.
والأربعاء 23 يوليو، وصل إلى العاصمة السورية دمشق وفد سعودي يضم 120 مستثمراً سعودياً، في زيارة تهدف إلى دعم الاستقرار الإقليمي وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين السعودية وسوريا.
وزراء الاقتصاد والصناعة والطاقة والاتصالات وتقانة المعلومات يستقبلون وفداً سعودياً رفيع المستوى برئاسة وزير الاستثمار خالد بن عبد العزيز الفالح لبحث سُبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين#الإخبارية_السورية pic.twitter.com/OzY1gv26VC
— الإخبارية السورية (@AlekhbariahSY) July 23, 2025
خطوات استباقية
ولم يكن الإعلان عن تنظيم “منتدى الاستثمار السوري السعودي” حدثاً مفاجئاً، بل تتويجاً لسلسلة من الخطوات الاستباقية التي اتخذتها المملكة لدعم الاقتصاد السوري وتهيئة البيئة السياسية لعودة الانخراط العربي في دمشق.
فقبل ساعات من ذلك، أعلنت السفارة السعودية بدمشق عن إتاحة تراخيص السفر للراغبين من رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين والسوريين، بما يسمح لهم بتبادل الزيارات واستكشاف الفرص الاستثمارية في البلدين
تعلن السفارة عن إتاحة تراخيص السفر للراغبين من رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين والسوريين بما يسمح لهم تبادل الزيارات واستكشاف الفرص الاستثمارية في البلدين الشقيقين.
لتقديم المستثمرين السعوديين على الموقع التالي: https://t.co/bTW7g5GzHe pic.twitter.com/l7fjizJyKO
— السفارة السعودية في دمشق (@ksaembsy) July 22, 2025
كما استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، (السبت 19 يوليو)، وفداً من رجال الأعمال السعوديين في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، حيث جرى بحث آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، وسبل تعزيز الشراكات في مجالات مختلفة، وفق بيان للرئاسة السورية.
استقبل رئيس الجمهورية العربية السورية، السيد أحمد الشرع وفدًا من رجال الأعمال في المملكة العربية السعودية، برئاسة كل من السيد محمد أبو نيان والسيد سليمان المهيدب، وذلك في قصر الشعب بدمشق.
وجرى خلال اللقاء بحث آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، وسبل تعزيز الشراكات… pic.twitter.com/YMTv2jUHha
— رئاسة الجمهورية العربية السورية (@SyPresidency) July 19, 2025
ويأتي هذا اللقاء في إطار جهود تطوير العلاقات الاقتصادية بين دمشق والرياض، بعد زيارة رسمية أجراها وزير الخارجية السعودي لسوريا في يونيو الماضي، التقى خلالها الرئيس الشرع، وبحث الجانبان فرص العمل المشترك لدعم الاقتصاد السوري.
وعقد الوفد الاقتصادي السعودي جلسة مشاورات موسعة مع الجانب السوري، تناولت سبل تعزيز الاستثمارات المشتركة، ودعم مشاريع إعادة الإعمار، وبناء المؤسسات الحكومية، بما يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد السوري.
وعملت السعودية على دعم سوريا الجديدة، وقد ساهمت في رفع العقوبات الأمريكية، بوساطة الأمير محمد بن سلمان، في مايو الماضي.
وأعلنت المملكة كذلك، في أبريل الماضي، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، عن التزامها بدعم جهود سوريا نحو التعافي الاقتصادي، وسداد ديون دمشق المتأخرة لدى البنك الدولي، ما أعاد تأهيل البلاد للحصول على تمويلات دولية ضرورية.
وجاءت هذه الإجراءات وسط تحرك حكومي سوري لإبراز الفرص الاستثمارية المتاحة، ولعقد الأنشطة والفعاليات التي من شأنها استنهاض مشاريع إعادة الإعمار.
ومن المقرر أن تشهد دمشق، في الـ 29 من أكتوبر القادم، المعرض الدولي “إعمار”، الذي يأتي ضمن انطلاقة الدولة الجديدة، الهادفة إلى تحريك عجلة الاقتصاد، ودعم الصناعات الوطنية.
رسائل سياسية عبر الاقتصاد
يرى مراقبون أن المنتدى ليس مجرد فعالية اقتصادية، بل يحمل بعداً سياسياً مهماً، يتمثل في سعي الرياض لتعزيز الاستقرار في سوريا الجديدة كجزء من رؤية أوسع لخفض التوترات في المنطقة.
فالمملكة تسعى عبر هذا المنتدى لتأكيد أنها ترى في سوريا اليوم ساحة استثمار لا ساحة نزاع، وترغب في تشجيع بقية الأطراف العربية والدولية على الانخراط في جهود إعادة الإعمار المرتقبة.
وتشير وسائل إعلام سعودية إلى أن المنتدى سيشهد توقيع اتفاقيات تقدر بنحو 15 مليار ريال (نحو 4 مليارات دولار) في مجالات مختلفة.
وفي هذا السياق، يشير موسى قرقور، مدير مركز الدراسات الخليجية السورية، إلى أن المملكة تؤكد من خلال عقد هذا المنتدى التزامها الفعلي بدعم مسار التعافي في سوريا، ليس فقط بالكلمات، بل عبر مبادرات اقتصادية ملموسة تشجع على الانخراط الاستثماري الجاد.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين”:
– يشكل المنتدى خطوة استراتيجية ضمن رؤية سعودية أوسع تسعى إلى تثبيت الاستقرار الإقليمي عبر أدوات الاقتصاد والتنمية، بعد سنوات من النزاع الذي أضعف بنية الدولة السورية وأرهق مواطنيها.
– يعكس توجيه ولي العهد السعودي بإقامة المنتدى في دمشق، إيمان الرياض بقدرة سوريا على النهوض.
– السوق السورية تعد من الأسواق الواعدة ذات الإمكانيات الهائلة، لكنها لا تزال تفتقر إلى الشروط الأساسية الجاذبة للاستثمار، وفي مقدمتها الاستقرار الأمني وشفافية الإجراءات.
– رسالة السعودية واضحة؛ الدعم ممكن ومتاح للمشاريع التنموية، لكن على الدولة السورية إنشاء بيئة آمنة أمنياً واجتماعياً وسياسياً.
– رأس المال بطبيعته حذر ويبحث عن الأمان قبل الأرباح، لذا فإن أي خلل في بنية الاستقرار سيشكل عائقاً أمام تحويل التفاهمات الاقتصادية إلى مشاريع فعلية على الأرض.
– على الدولة السورية أن تتعامل مع هذه اللحظة كفرصة نادرة للتعافي الاقتصادي، عبر خطوات جادة لإعادة هيكلة البيئة الحاضنة للاستثمار قانونياً وأمنياً وإدارياً.
– تحقيق ذلك يتطلب وقف المظاهر المسلحة خارج سلطة الدولة، وضمان عدم تدخل الأجهزة الأمنية في حياة المستثمرين أو تقييد تحركاتهم.
– يتطلب ذلك أيضاً تعزيز دور القضاء النزيه، وضمان حرية التعاقد، وتوفير الضمانات الكافية لحقوق المستثمرين المحليين والأجانب.
– من المهم أن يُترجم هذا المنتدى إلى برامج تعاون دائمة لا مجرد مناسبة بروتوكولية، وأن يكون بداية لمسار جديد من الشراكة الخليجية السورية، تُبنى على المصالح لا على الخطابات.
– المواطن السوري سيكون المستفيد الأول من هذا الانفتاح إن أحسنت السلطات السورية إدارته، لأنه سيخلق فرص عمل، ويُعيد النشاط للأسواق، ويُساهم في تحسين مستوى المعيشة.