في حوارالقربي لـ«الشرق الأوسط»: نقلت رسالة أخيرة إلى صدام فقال لي «هذه معركة كرامة الأمة»

/وزير الخارجية اليمني السابق أبو بكر القربي خلال مقابلة مع “الشرق الأوسط” – الشرق الأوسط

 

عين اخبار الوطن – الشرق الأوسط

وزير الخارجية اليمني الأسبق: وقعت هجمات سبتمبر فالتقى صالح بوش لنفي وصمة الإرهاب (1 من 2)

 

حين دوّت طائرات «القاعدة» في سماء نيويورك، هرع وزير الخارجية اليمني السابق أبو بكر القربي من برلين إلى صنعاء، للتعامل مع اللحظة التي غيرت وجه العالم. دفعت الهجمات – ضمن تداعياتها الكثيرة – الرئيس علي عبد الله صالح، إلى الانخراط الكامل في الحرب الأميركية ضد الإرهاب، بعد ترتيب زيارة سريعة إلى واشنطن لإقناع الرئيس السابق جورج بوش، بأن اليمن ليس بؤرةً لـ«القاعدة».

في الحلقة الأولى من مقابلته مع «الشرق الأوسط»، يروي القربي الذي تولى منصبه في 4 أبريل (نيسان) 2001 وتركه في 2014، تجربته الطويلة وزيراً لخارجية بلد عاصف كاليمن. يعود إلى الفترة الملتهبة بين تفجير تنظيم «القاعدة» المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» قبالة سواحل عدن في أكتوبر (تشرين الأول) 2000، وغزو العراق، مروراً برسالته الأخيرة إلى صدام حسين الذي رفض اقتراحاً من صالح بالتعاون مع المطالب الأممية، قائلاً إن «هذه معركة كرامة الأمة وسندفع ثمنها». وفيما يلي نص الحلقة:

* أول استحقاق كبير واجهتموه كان هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن. أين كنت في ذلك اليوم؟ وكيف استقبلت الخبر؟

– كنت في زيارة رسمية إلى برلين، وكنا على مأدبة غداء مع وزير خارجية ألمانيا في ذلك الوقت، وفوجئنا بالخبر. كنا نستعد لرحلة على النهر ولحفل استقبال دعوت إليه شخصيات ألمانية والسفارات العربية وغيرها، وفوجئنا بالخبر المزعج فتسمرنا أمام التلفزيون نتابع ما يجري، وقررنا إلغاء الحفل.

* كيف استقبل الرئيس علي عبد الله صالح خبر هجمات 11 سبتمبر؟

– لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال لأنني لم أكن موجوداً (في اليمن) حينها. لكن فيما بعد، القضية كانت مزعجة جداً لنا، خصوصاً بعد حادثة «كول» في عدن. عندما حدث ذلك، وضع اليمن على أنه بؤرة لـ«القاعدة» وللإرهاب، وبالتالي كنا نقيّم تبعات الحادث في نيويورك على النظرة إلى اليمن.

* عندما رجعت من ألمانيا التقيت الرئيس، وكان هذا الموضوع البند الأول في المناقشات. هل كان يعدّه خطراً وقد يرتب على اليمن تبعات؟

– نعم بكل تأكيد، ليس فقط على اليمن، إنما على المنطقة كلها. ولكن كنا ننظر كيف نجنب اليمن تبعات ما يجري، ولهذا كانت أول خطوة اتخذناها هي ترتيب زيارة سريعة للأخ الرئيس إلى واشنطن، وكان هو من أول القادة الواصلين إلى واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام، والتقى بالرئيس جورج بوش.

«مواجهة» صالح وبوش في البيت الأبيض

* كيف كان اللقاء بين الرئيسين؟

– يمكن أن أصفه بأنه نوع من المواجهة من قبل الرئيس لإقناع الرئيس بوش بأن اليمن ليس بؤرة للإرهاب، وبالتالي لا يتحمل تبعات حادثة 11 سبتمبر.

* هل اتهمه بوش؟

– لا، لم يتهمه. أشار الرئيس بوش إلى أنهم حريصون على محاربة الإرهاب، وأهمية دور اليمن في محاربة الإرهاب، وأن هناك إرهابيين في اليمن. وأعتقد في نهاية المطاف، فإن الرئيس صالح احتوى الموضوع بقوله إن اليمن سيكون شريكاً مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، وبدأت العلاقة…

لقاء بوش وصالح بعد 11 سبتمبر بأسابيع (أ.ف.ب)
 لقاء بوش وصالح بعد 11 سبتمبر بأسابيع (أ.ف.ب)

هل طلب من اليمن طلبات محددة؟

– في ذلك الوقت لا، لكن فيما بعد اعتقد أن الهدف الرئيسي كان كيف يتم التعاون في مكافحة عناصر «القاعدة» داخل اليمن.

* هل اتخذ اليمن إجراءات جدية آنذاك؟

– بكل تأكيد. اتخذ إجراءات تعقب الجماعات التي ارتكبت حادثة تفجير المدمرة، واعتقلت الأجهزة الأمنية بعضهم. وبدأت تحقيقات معهم، وكانت الولايات المتحدة تطالب بأن تشارك في هذه التحقيقات، إلا أن اليمن رفض ذلك باعتبار أن هذه التحقيقات مسؤولية الحكومة اليمنية، ولكن يمكنهم أن يحضروا هذه التحقيقات، وإذا كانت لديهم أسئلة تطرح عبر المحققين اليمنيين.

* هل كشفت التحقيقات شيئاً مهماً يتعلق بالهجمات؟

– حقيقة لا أذكر بالنسبة إلى هذا الجانب الأمني، لكن بكل تأكيد، كان هناك تبادل مجموعة من المعلومات بين الجهازين الأمنيين.

* انتظم التعاون بين الأجهزة الأمنية في البلدين، هل توقعت بوصفك وزير خارجية أن تخرج أميركا الجريحة في حملة تأديب تشمل أفغانستان، ثم تمتد إلى العراق؟

– كنا ندرك تماماً أن الجرح الأميركي عميق من حادثة 11 سبتمبر، لكن لم أكُن أتوقع أن أميركا ستتسرع في الإجراءات التي اتخذتها. أعتقد أن التسرع ورّط أميركا في المراحل اللاحقة لهذا القرار.

* هل كان الرئيس صالح يشعر بأن أميركا مهمة جداً لكنها مقلقة سواء بوصفها خصماً أو حليفاً؟

– نعم بكل تأكيد. الرئيس علي عبد الله صالح في زيارته إلى أميركا كان يدرك خطورة الموقف الأميركي على اليمن وعلى المنطقة، وهذا ظاهر في مواقفه بكثير من القضايا العربية؛ سواء القضية الفلسطينية أو العدوان على العراق فيما بعد. ولهذا حاولنا أن نتجنب أي مواقف تستفز الولايات المتحدة. كان همنا في ذلك الوقت أن نجنب اليمن المخاطر.

رسالة صالح الأخيرة إلى صدام

* هاجمت أميركا أفغانستان وأسقطت نظام «طالبان»، هل شعرتم بالقلق حين تبين أنها تندفع باتجاه غزو العراق؟

– أعتقد هذا جاء بمرحلة لاحقة في 2003، وكان لأسباب أخرى غير مرتبطة بأفغانستان، ولكن أعتقد أنها في إطار شعور أميركا بأنها تريد مزيداً من الهيمنة على المنطقة، وسياستها ومصالحها والأحداث التي تدور في المنطقة بعد 2001. كان هناك استهداف للأنظمة العربية، ولهذا جاءوا بمشروع «الشرق الأوسط الكبير» وغيره من الأفكار المتعددة و«الفوضى الخلاقة» التي تبنتها (وزيرة الخارجية الأميركية السابقة) كوندوليزا رايس. وكانت كل الدول العربية تشعر بقلق مما تقوم به أميركا في المنطقة.

ولهذا، حتى في الجامعة العربية، نحن بوصفنا وزراء خارجية في ذلك الوقت، كنا نرى كيف نرسل الرسائل إلى أميركا بأن العرب ليسوا كما يتوقعون. يقولون إنهم راعون للإرهاب وغير ذلك، وإن المجموعة العربية مع محاربة الإرهاب ومع الإصلاحات السياسية والاقتصادية في بلدانها.

* اقترب الغزو الأميركي للعراق، ماذا فعل الرئيس علي عبد الله صالح؟ وماذا فعلتم بوصفكم دولة يمنية؟

– دورنا كان من خلال الجامعة العربية أولاً، إذ كان يهمنا أن يكون الموقف العربي موحداً في مواجهة العدوان الأميركي على العراق، وللأسف كان هناك انقسام في مواقف الدول العربية.

والخطوة الثانية كانت كيفية إقناع صدام حسين بتجنب تعريض العراق للعدوان الأميركي. وكنت أنا آخر من ذهب إلى العراق يحمل رسالة إلى صدام حسين، قبل نحو شهر ونصف الشهر أو شهرين من العدوان، لأبلغه بهذه الرسالة؛ يجب أن تحافظ على العراق وعلى إنجازاتك في العراق، وتجنبه العدوان.

* رسالة من الرئيس علي عبد الله صالح؟

– نعم.

* وسلمتها للرئيس صدام حسين؟

– نعم سلمتها للرئيس صدام حسين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى