فشل التهدئة مع طهران: مسار جديد للشعب الإيراني

 

كتب: حسن محمودي كاتب ومحلل إيراني

كانت التظاهرة الضخمة للمقاومة الإيرانية في بروكسل يوم 6 سبتمبر 2025 أكثر من مجرد تجمع؛ إنها تقييم علني لعقود من السياسات الغربية الفاشلة تجاه إيران. لفترة طويلة، اعتمد المجتمع الدولي استراتيجية التهدئة، آملاً في تحقيق إصلاحات في نظام يصعب تعديله. لم تنجح هذه السياسة في تحقيق التغيير، بل عززت موقف السلطات في طهران، مما جعلها تهديداً متزايداً لشعبها، المنطقة، والعالم.

عرضت التظاهرة، التي احتفلت بالذكرى الستين لتأسيس حركة سياسية بارزة، القوة الدائمة لخيار بديل ممكن: الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة. حان الوقت للغرب لمراجعة سياساته ودعم “الخيار الثالث” لتغيير النظام من قبل الشعب الإيراني.

فشل التهدئة لا يقبل الجدل

أكد غي فير‌هوفستات، رئيس الوزراء البلجيكي السابق، خلال التظاهرة، أن استمرار النظام الحالي “دليل على فشل استراتيجية التهدئة التي اتبعها المجتمع الدولي والغرب، وخاصة أوروبا، حتى الآن”. أشار إلى أن هذا النهج تفاقم الوضع في مختلف الجبهات: للشعب الإيراني، وللاستقرار الإقليمي المتضرر من وكلاء مثل الحوثيين وحزب الله، وللأمن العالمي، مع دعم طهران للحرب الروسية في أوكرانيا. بدلاً من الاعتدال، ساهمت هذه السياسة في تمويل الإرهاب واستمرار الطغيان.

ومع ذلك، فإن البديل ليس تدخلاً عسكرياً جديداً، وهو خيار أثبت فشله في المنطقة. الخيارات ليست مقتصرة على التهدئة أو الحرب.

تفنيد فكرة “عدم وجود بديل”

روج النظام فكرة أن لا بديل عن الوضع الحالي سوى عودة ديكتاتورية الشاه، وهي دعاية نجحت في التأثير على الغرب. في تظاهرة بروكسل، قال مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي السابق: “أكبر أكاذيب النظام هو ادعاؤه بغياب البديل… لكنكم تعلمون أن هناك بديلاً منظماً ومؤهلاً”.

ردد هذا الرأي متحدثون آخرون، حيث رفض جون بيركو، رئيس مجلس العموم البريطاني السابق، فكرة استعادة الحكم الملكي، معتبراً أن أي دور لأي “شاه جديد” غير مقبول.

عشرات الآلاف الذين تجمعوا في بروكسل مثلوا البديل الحقيقي — حركة ديمقراطية منظمة ذات جذور في المجتمع الإيراني، وهي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بقوته المحورية، المنظمة المذكورة. جدوى هذا البديل ليست نظرية، بل مسجلة تاريخياً، حيث قدمت الحركة “سجلاً قارب الستين عاماً من الخدمة والتضحية والنضال” ضد الملكية والنظام الحالي، متغلبة على التعذيب والإعدامات، بما في ذلك مجزرة 1988 التي استهدفت 30,000 سجين سياسي، كما أشارت السيدة مريم رجوی، رئيسة المجلس المنتخبة.

الخيار الثالث: رؤية واضحة للمستقبل

تقدم المقاومة الإيرانية رؤية واضحة: “الخيار الثالث”. كما أعلنت السيدة رجوی، فإن ذلك يعني “لا تهدئة ولا حرب، بل تغيير من قبل الشعب ومقاومته المنظمة!” هذه ليست طموحاً غامضاً، بل خطة سياسية ملموسة في رؤيتها العشرية لإيران مستقبلية، تضمن جمهورية علمانية ديمقراطية خالية من الأسلحة النووية، استناداً إلى انتخابات حرة، المساواة بين الجنسين، حكم القانون، وحقوق الإنسان — في تناقض مع الطغيان الحالي والماضي. دعا فير‌هوفستات المجتمع الدولي إلى “بدء حوار هيكلي مع المعارضة الديمقراطية، مستنداً إلى رؤية السيدة رجوی”.

انتصار الشعب الإيراني حتمي

الخوف الأكبر للسلطات ليس من قوة خارجية، بل من شعبها. كما أكد بنس: “التهديد الأكبر للنظام هو الشعب الإيراني نفسه”. لهذا، تطارد السلطات وحدات المقاومة داخل إيران — فهي “نبض الأمل” و”محرك التغيير”. بعد ستين عاماً من النضال ضد ديكتاتوريتين، أثبتت المنظمة مرونتها.

كما قال بنس: “لا سلاح في العالم أقوى من إرادة وشجاعة الأحرار”. هذه الإرادة حية في إيران، كما يظهر من تزايد وحدات المقاومة وأنشطة الشباب المتمرد الذين يتحدون النظام في كل مكان.

انتصار الشعب الإيراني حتمي. يجب على الغرب اختيار الجانب الصحيح في التاريخ. بعد عقود من التهدئة الفاشلة، حان وقت تغيير السياسة، بدءاً بتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية واعتراف النظام كتهديد، وصولاً إلى احترام حق الشعب في المقاومة واستعادة بلاده من السلطات الحالية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى