الصمت ابلغ من ضجيج التصفيق

 

بقلم :زعفران علي المهنا

اتصل بي أكثر من مرة، ولأنني كنت متعبة لم أجب، مع كامل اعتذاري لشخصه الكريم.
لكن سؤاله لم ينتظر المكالمة، بل جاءني في رسالة نصية قصيرة تحمل دهشة واستفهام:
“أستاذة زعفران، ما الذي لم يعجبك في حفل افتتاح مصر حتى تجاهل قلمك الكتابة عنه؟”

توقفت أمام سؤاله طويلا، ليس لأنني لا أملك إجابة، بل لأن الإجابات أحيانا كثيرة لا تقال بسهولة. ومصر لها مساحة عزيزه بداخلي بشكل كبير
فكرت كيف يمكن لكلمة واحدة أن تختصر شعورا متراكبا بين الإعجاب والانقباض، بين الانبهار والوعي، بين ما يعرض لنا وما نعرف أنه ليس تماما كما يعرض.

ثم قلت لنفسي، لا داعي للإطالة.
سأجيبه كما يليق بزمن كثرت فيه الأقنعة وقلت فيه الحقيقة.
فكتبت له:
“نحن في زمن تصنع فيه كل الأشياء… حتى الوهم.”

نعم، نحن في زمنٍ صار فيه كل شيء قابلا للتجميل والتسويق والتصفيق،
زمن تنفق فيه المليارات لصناعة صورة مؤقتة براقة، تخفي خلفها واقعا مريرا،
زمن يقاس فيه النجاح بعدد الكاميرات، لا بعدد الوعي الذي يزرع في العقول.

ليس رفضا للجمال أو الفن، فالفن الحقيقي يصنع الوعي لا يلهيه،
ولكن لأنني أرى أن الصدق أجمل من كل مؤثر بصري،
وأن العظمة لا تستعار من الأضواء، بل تصنع من الناس ومن الحقيقة.

ذلك ما أردت قوله،
وهذا ما جعل قلمي يختار الصمت،
فبعض الصمت أبلغ من ضجيج التصفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى