كيف يقود الفساد الاقتصادي الأسر الإيرانية إلى حافة الانهيار؟

بقلم / مهدي رضا
تواجه الأسر الإيرانية أزمة اقتصادية حادة نتيجة تراكم الفساد وسوء الإدارة المالية خلال العقدين الماضيين، مما أدى إلى تراجع كبير في مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفقر بشكل غير مسبوق. ورغم الزيادات الاسمية في الدخل، إلا أن التضخم المفرط وتآكل القوة الشرائية جعلت من الصعب على الأسر تأمين احتياجاتها الأساسية، مما أدى إلى تفاقم معاناة ملايين المواطنين.
تشير البيانات الرسمية إلى أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة تزيد عن 2200% خلال الفترة من 2002 إلى 2021، بينما لم ترتفع الدخول بنفس المعدل، مما تسبب في انخفاض الإنفاق الحقيقي للأسر الحضرية بأكثر من 26%. وكانت الخسائر أكبر في المناطق الريفية التي تعاني من ضعف الخدمات وفرص العمل، مما أدى إلى اتساع الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين المناطق المختلفة.
الفساد المالي يتجلى في فضائح كبيرة مثل قروض بنك كارآفرين التي تجاوزت قيمتها 3 تريليونات تومان، مع نسبة كبيرة من القروض المتعثرة التي لم تُسترد، ما يشير إلى ضعف الرقابة المالية وتواطؤ بعض المسؤولين. كما أن سوء إدارة الميزانيات العامة أدى إلى هدر الموارد، حيث لم يتم تحديث أسطول الحافلات أو إضافة عربات جديدة للمترو في طهران رغم الميزانيات الضخمة، مما أثر على جودة الخدمات العامة التي تعتمد عليها الأسر يوميًا.
هذا الوضع دفع إلى هروب رؤوس الأموال وتراجع الاستثمارات الخاصة، ما أدى إلى اتساع الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية وتسارع هجرة العقول والشباب الباحثين عن فرص أفضل في الخارج أو في المدن الكبرى. كما أن عدم الاستقرار الاقتصادي والتقلبات المستمرة في معدلات التضخم وسعر الصرف أضعف ثقة المستثمرين وأبعدهم عن القطاعات الإنتاجية، مما أدى إلى تراجع النمو الاقتصادي وزيادة البطالة.
بالإضافة إلى ذلك، أدى ضعف الحوكمة إلى انتشار الفساد في مؤسسات الدولة، مما أثّر على توزيع الموارد بشكل غير عادل، حيث استفادت بعض الفئات والنخب على حساب الأغلبية من الأسر التي تعاني من ضيق ذات اليد. هذا التفاوت الاجتماعي والاقتصادي يهدد الاستقرار الاجتماعي ويزيد من احتمالات الاحتجاجات والتوترات السياسية.
لمواجهة هذه الأزمة، يجب تنفيذ إصلاحات شاملة في الحوكمة المالية، ومكافحة الفساد بفعالية، وضمان توزيع عادل وشفاف للموارد الوطنية. كما يجب تعزيز دور القطاع الخاص المنتج وتوفير بيئة استثمارية مستقرة تشجع على التنمية الاقتصادية. فقط من خلال هذه الخطوات يمكن إعادة بناء الاقتصاد وتحسين رفاهية الأسر الإيرانية، والحفاظ على استقرار المجتمع.