معركة قضائية محتدمة.. ترامب يسعى لإبقاء تعرفاته الجمركية عبر المحكمة العليا

الرئيس الأميركي دونالد ترامب

عين اخبار الوطن – CNBC

يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال أيام لطلب مصادقة المحكمة العليا ذات الغالبية المحافظة على التعرفات الجمركية الطارئة الواسعة التي فرضها، وذلك بعد انتكاستين في محاكم أدنى درجة، غير أنه سيواجه أسئلة قانونية معقدة فيما تواصل إدارته الدفع بخطط بديلة.

وقال خبراء قانونيون وتجاريون إن الغالبية المحافظة (6 مقابل 3) في المحكمة العليا قد تمنح ترامب فرصة أفضل قليلاً للإبقاء على تعرفاته الجمركية «المعامِلة بالمثل» وتلك المرتبطة بمكافحة الفنتانيل، وذلك بعدما قضت محكمة استئناف فدرالية الأسبوع الماضي، بأغلبية 7 مقابل 4، بعدم قانونيتها.

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، إن إدارته ستسعى للحصول على حكم عاجل من المحكمة العليا «اعتباراً من الأربعاء»، مؤكداً أن «الأمر يتطلب قراراً سريعاً». وحذّر من «كارثة» إذا ما أُبطلت الرسوم الجمركية التي فرضها بموجب «قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية».

وكانت محكمة الاستئناف الفدرالية للدائرة الاتحادية قد أيّدت يوم الجمعة حكماً سابقاً، قضى بأن القانون المذكور لا يمنح الرئيس سلطة مطلقة لفرض الرسوم الجمركية، وأن نصّه الصادر عام 1977 لا يتضمن ذكر الرسوم ضمن الصلاحيات التنظيمية المخوّلة في حالات الطوارئ الوطنية.

 

اقرأ أيضاً: ترامب: سنطلب من المحكمة العليا الأميركية حكماً عاجلاً بشأن الرسوم الجمركية

 

ويعد هذا الحكم انتكاسة نادرة لترامب، الذي سعى إلى إعادة ترتيب الاقتصاد العالمي لمصلحة الولايات المتحدة عبر فرض الرسوم الجمركية وإعلان حالة طوارئ وطنية بسبب عقود من العجز التجاري. وكان ترامب قد حقق سلسلة من الانتصارات أمام المحكمة العليا منذ عودته إلى البيت الأبيض، من بينها السماح بترحيل المهاجرين، وإقرار حظر خدمة المتحوّلين جنسياً في الجيش.

قال كبار مسؤولي الإدارة الأميركية، ومن بينهم وزير الخزانة سكوت بيسنت، إنهم يتوقعون أن تصدّق المحكمة العليا على استخدام «قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية» كمسوغ لفرض الرسوم الجمركية، لكنهم مستعدون للجوء إلى أدوات قانونية بديلة إذا اقتضت الحاجة. وستظل الرسوم قائمة حتى 14 أكتوبر تشرين الأول على الأقل لإتاحة الوقت أمام الحكومة لتقديم طعنها أمام المحكمة العليا.

 

مبدأ «الأسئلة الكبرى»

 

تقول وزارة العدل في إدارة ترامب إن القانون يسمح بفرض الرسوم بموجب أحكام الطوارئ التي تخوّل الرئيس «تنظيم» الواردات أو حتى حظرها بالكامل.

غير أن مدى اتساع هذه السلطة التنظيمية غير المكتوبة يمثل التحدي الأكبر في طعن ترامب، لا سيما بعد خسارتين قضائيتين دفعت بعض الخبراء القانونيين إلى التوقع بأن المحكمة التجارية الدولية ستثبت حكمها الأصلي بإبطال الرسوم.

وقال جون فيرونو، نائب الممثل التجاري الأميركي السابق المعيّن من الحزب الجمهوري وشريك في شركة «كوفينغتون آند بيرلينغ»: «من الصعب جداً أن أتصور أن المحكمة العليا ستفسر قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية على نحو واسع يسمح للرئيس بأن يكتب ويعيد كتابة جدول الرسوم الجمركية كما يشاء، في أي يوم ولأي سبب».

قال فيرونو إن القضية ستضع المحكمة العليا أمام اختبار لمبدأ «الأسئلة الكبرى»، الذي ينص على أنه إذا أراد الكونغرس منح وكالة تنفيذية سلطة اتخاذ قرارات ذات «أهمية اقتصادية وسياسية هائلة»، فيجب أن يكون ذلك بتفويض صريح.

 

اقرأ أيضاً: عوائد سندات الخزانة الأميركية ترتفع وسط احتمالات لعودة الرسوم الجمركية

 

وقد استُخدم هذا المبدأ ضد الرئيس السابق جو بايدن في عام 2023، عندما قضت المحكمة العليا بأغلبية 6-3 بأنه تجاوز سلطاته عبر قراره بإلغاء ما يصل إلى 400 مليار دولار من قروض الطلاب، وهو إجراء وصفت المحكمة نطاق تأثيره بأنه «هائل».

ويبقى السؤال المحوري ما إذا كانت المحكمة ستطبق المعيار نفسه على رسوم ترامب الجمركية. فمحكمة الاستئناف أشارت في حكمها إلى أن «الأثر الاقتصادي الكلي للرسوم المفروضة بموجب تفسير الحكومة لقانون  السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية أكبر حتى من أثر إلغاء قروض الطلاب».

 

القرار المنقسم

 

ستوازن المحكمة العليا في هذه القضية بين تقليدها المتمثل في إظهار قدر من الاحترام لصلاحيات الرئيس في شؤون السياسة الخارجية وحالات الطوارئ الوطنية، وهو جانب قد يلعب فيه تفوق المحافظين (6 مقابل 3) دوراً حاسماً. وكان ستة من القضاة السبعة الذين صوتوا ضد تعريف الإدارة لقانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية قد عُيّنوا من قبل رؤساء ديمقراطيين، لكن التصويت شهد تقاطعات بين القضاة المعيّنين من كلا الحزبين.

وقال رايان ماجيروس، المسؤول السابق في وزارة التجارة وشريك في مكتب «كينغ آند سبالدينغ»: «نظراً لقوة الرأي الغالب في محكمة الاستئناف وقوة الرأي المخالف، فمن المرجح أن تتناول المحكمة العليا جوهر المسألة، أي ما إذا كان قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية يتيح للإدارة فرض الرسوم الجمركية». وأضاف: «مهما كان القرار، فسيكون له تأثير كبير على مسار السياسة التجارية للإدارة في المرحلة المقبلة».

وكانت إدارة ترامب قد وسعت بالفعل تحقيقاتها المتعلقة بالرسوم الجمركية بموجب صلاحيات قانونية أخرى، من بينها المادة 232 من قانون توسيع التجارة لعام 1962، ذات الصلة بالأمن القومي، والتي استُخدمت لفتح تحقيق بشأن واردات الأثاث.

وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت لوكالة رويترز إن خياراً آخر قد يتمثل في اللجوء إلى المادة 338 من قانون «سموت-هاولي» للتعرفات الجمركية لعام 1930، التي تمنح الرئيس سلطة فرض رسوم تصل إلى 50% على واردات الدول التي يُعتبر أنها تميّز ضد التجارة الأميركية. ورغم أن هذه المادة ظلت شبه مجمدة لعقود، فإنها تتيح فرض رسوم بسرعة.

وفي حال أُبطلت رسوم قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية نهائياً، فإن صداعاً كبيراً سيواجه إدارة ترامب بسبب مسألة إعادة الرسوم المدفوعة. وأوضح ماجيروس أن المستوردين يمكنهم تقديم اعتراضات لدى هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية لاسترداد أموالهم، لكن هذه المساعي قد تنتهي في ساحات القضاء.

وبحسب بيانات هيئة الجمارك وحماية الحدود حتى 25 أغسطس آب، بلغت حصيلة الرسوم التي فرضها ترامب بموجب قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية نحو 65.8 مليار دولار.

وقال مصدر مطلع على تفكير الإدارة إن محاميها أمضوا عطلة عيد العمال في دراسة الحكم لتقدير السيناريوهات المحتملة، متوقعاً أن يُرفع الطعن إلى المحكمة العليا سريعاً، مع صدور القرار النهائي المرجح في أوائل عام 2026.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى