في حضرة المولد النبوي الشريف

بقلم ;زعفران علي المهنا
عندما يطل علينا ذكرى مولد الحبيب المصطفى ﷺ، لا نحتفل بحدث تاريخي مضى وانتهى، بل نفتح نافذة على النور الذي غير وجه الإنسانية. إن مولده ليس فقط بداية حياة رجل عظيم، بل هو ولادة لقيمٍ سامية، ورسالة خالدة، ورحمة مهداة.
لقد علمنا النبي ﷺ أن الحياة لا تقاس بكثرة العبادات وحدها، بل بصدق التعامل، ونقاء السريرة، ورفق القول. لم يكن سبابا ولا فاحشا، ولم يرد السيئة بالسيئة، بل كان عفوا كريما. أوصانا بالجار، ونهانا عن الكذب وشهادة الزور، وأرسى لنا أدب الحديث، وزين قلوبنا بالرحمة والتسامح.
اليوم، ونحن نعيش أزمنة يكثر فيها الخصام، وتتسع فيها دوائر الكراهية، يكون المولد النبوي الشريف فرصة لنستعيد المعنى الأصيل للاحتفال: التصالح مع أنفسنا، والتعايش مع غيرنا.
فليس أجمل من أن يكون يوم المولد بداية لقطع دابر الشحناء، وردم الهوة بين القلوب، وإحياء وصية النبي: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
الاحتفال الحقيقي يكمن الى جانب الأضواء و الزينة، أن نتجرد من الغل، ونزرع بذور الرحمة، ونعيد للإنسانية ملامحها التي جسّدها رسول الله ﷺ. حينها فقط، سيكون مولده شحنة نور تضيء لنا العام كله، ونقطة انطلاق نحو مجتمع أكثر محبة وتسامحا وعدلا.
فلنجعل من ذكرى المولد دعوة للحب، منصة للتصالح، ورسالة للتعايش، نكتب بها للعالم أن محمداً ﷺ ما زال بيننا بمنهجه، وسيرته، وقيمه الخالدة.